الجزائر غاضبة جدا على حكومة مالي، فقد استدعت السفير المالي هنا للاحتجاج، وسحبت السفير الجزائري من باماكو، ووصفت قرار إطلاق سراح عناصر من الجماعة المسلحة التي تسمي نفسها القاعدة بأنه "يعد تطورا خطيرا بالنسبة للأمن و الاستقرار في منطقة الساحل و الصحراء و يخدم بموضوعية مصالح المجموعة الإرهابية الناشطة في المنطقة تحت راية تنظيم القاعدة"، وهذا الكلام يشير إلى تدهور غير مسبوق في العلاقة مع دولة مجاورة. المعلوم في هذه القضية هو أن فرنسا لعبت دورا أساسيا في الضغط على مالي من أجل إتمام الصفقة لأن الأمر يتعلق بإطلاق سراح رهينة فرنسية، ومالي لم تفعل شيئا لمقاومة الضغط الفرنسي، لأنه ببساطة يوافق هواها، فدول العالم الثالث بصفة عامة تعتقد أن الحماية التي يمكن أن توفرها دولة كبرى تجعلها لا تقيم وزنا لرأي الجيران، وعندما تكون الدولة الكبرى هي فرنسا، فإن مالي تصبح غير آبهة بما يقوله الجزائريون، ولن تتردد في أن تضرب عرض الحائط اتفاقيات التعاون القضائي بين البلدين كما قال البيان الصادر عن وزارة الخارجية أمس. مالي تريد أن تكسب دعم وثقة أمريكا وفرنسا، وهؤلاء لا يهمهم الاستقرار في المنطقة، ولن تضع واشنطن حكومة باماكو على قائمة الدول الداعمة للإرهاب بعد الصفقات التي عقدتها مع خاطفي الرهائن الذين يعلنون انتماءهم لما يسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وقد يكون من الإنصاف أن تغضب الجزائر من فرنسا أولا لأنها هي أصل المشكلة، وستتعرض العلاقة مع مالي إلى امتحانات أعسر في المستقبل ما دامت فرنسا مصرة على العبث في المنطقة. المساس بالأمن هو أخطر عمل عدائي يمكن أن يوجه ضد أي دولة، وباريس اعتدت على الجزائر من خلال هذه الصفقة، وهي تعتدي علينا أكثر من خلال تسميم العلاقة مع الجيران، وليس هناك ما هو أسوأ من إثارة القلاقل على الحدود، وإشعال الفتن مع الجيران لدولة تبحث عن الاستقرار لرفع التحديات الكثيرة التي تواجهها. فرنسا قامت بعمل عدائي ضد الجزائر ويجب أن نسمي الأشياء بأسمائها، ويجب أن نضع الغضب في موضعه.