قرّرت شركة سوناطراك تكييف إجراءات منح الصفقات على خلفية الفضيحة الأخيرة التي هزّت المجمّع البترولي، حيث من المنتظر أن يتم الإعلان عنها الأسبوع المقبل في دورية خاصّة تنشرها الشركة، وبحسب ما أعلن عنها الرئيس المدير العام بالنيابة فإن هذه الإجراءات جاءت بناء على تعليمات مباشرة من الرئيس بوتفليقة الذي يتابع ملف سوناطراك عن قرب، وذلك في انتظار استكمال مصالح وزارة المالية التعديلات المتعلقة بقانون الصفقات العمومية. اعترف عبد الحفيظ فغولي الرئيس المدير العام بالنيابة للمجمع البترولي سوناطراك، لأوّل مرة، بوجود تعليمات رئاسية لإعادة النظر في طريقة منح الصفقات على مستوى هذه الشركة، وهو ما باشرت الإدارة الجديدة في تطبيقه على أن يتم الإعلان عن التدابير الجديدة المنتظر اعتمادها الأسبوع المقبل، دون أن يعلن المتحدّث عن إلغاء بعض الصفقات باعتباره سبق وأن أنكر ذلك في تصريحات سابقة. وأكد فغولي الذي كان يتحدّث أمس في حصة »ضيف التحرير« للقناة الثالثة للإذاعة الوطنية، أن التكييف الذي أمر به رئيس الجمهورية يأتي في انتظار أن تفرج وزارة المالية على التعديلات الجديدة على قانون الصفقات العمومية التي ستعيد الاعتبار للشركات الوطنية بالإضافة إلى وضع آليات لردع أي تجاوز، كما أشار إلى أن منح الصفقات بالتراضي لا يتعارض مع القانون، مع العلم أنّ هذه الآلية كانت من بين الأسباب المباشرة التي فجّرت الفضيحة الأخيرة التي هزّت الشركة البترولية. وبخلاف التقارير التي نشرتها الكثير من الأوساط الإعلامية الأجنبية، فإن المسؤول الحالي على تسيير شؤون سوناطراك حرص على التأكيد بأن سمعة الشركة لم تتأثر أساسا بالتداعيات التي عرفتها في الفترة الأخيرة خاصة بعد وضع مديرها السابق محمد مزيان تحت الرقابة القضائية، واستند في هذا الموقف إلى مؤشرات الأسواق الخارجية بقوله: »إننا لم نتلق أي إشارات من شركائنا سواء تعلق الأمر بالولايات المتحدةالأمريكية أو بالأسواق الأوروبية وحتى الآسيوية«. كما دافع فغولي عن موقف شركته خلال ردّه على سؤال متعلق بإمكانية تأثير فضيحة الصفقات المشبوهة الأخيرة، حيث جاء على لسانه أن كل معاملات المجمّع تجري في إطار الشفافية »لأننا نقدّم سنويا تقارير حول كل النشاطات التي نقوم بها ولا أعتقد بأن هناك شفافية أكثر من هذه..«، وذهب المتحدث أبعد عندما تابع بكثير من الثقة »نحن لدينا مؤشرات تسيير وكل الأمور على مستوى الشركة تسير بشكل عادي«. ومن بين الإجراءات الجديدة التي أعلن عنها عبد الحفيظ فغولي إقرار بعض التعديلات في اتفاقيات تصدير الغاز إلى دول أوروبا خاصة بعد الخلاف الأخير على مشروع قاسي الطويل بين سوناطراك وكل من »ريبسول« و»غاز ناتورال«، وبموجب ذلك سيتم الاعتماد فقط على الاتفاقيات قصيرة الأمد تتراوح بين خمس وست سنوات على أقصى تقدير، معتبرا أن هذه السياسة ستمنح للشركة الوطنية حرية أكبر عندما يظهر خلاف حول التسعيرة بشكل يجعلها قادرة عل فسخ العقد دون مشاكل ودون الحاجة إلى الذهاب إلى التحكيم الدولي. ونفى ذات المسؤول صحة فرضيات نفاذ احتياطي الجزائر من المحروقات بعد عشرة أعوام، مشيرا إلى وجود 10 أحواض حاليا يتم استغلالها، فيما أوضح بأن نصيبا هاما من ميزانية الخماسي المقبل المقدّرة ب 69 مليار دينار ستوجّه بالأساس إلى عمليات الاستغلال والبحث، فيما لم يستبعد تحقيق اكتشافات ومفاجآت جديدة لحقول النفط والغاز مثلما حدث قبل أيام بولاية تيارت، وتحدّث عن مشاريع عديدة لإنجاز مصفاة كبرى لمواجهة تزايد الطلب ورفع قدرات التصدير خاصة الغز الطبيعي الذي قال بشأنه إن سوناطراك سترفع من طاقاتها الإنتاجية خلال العامين المقبلين لتصل صادراتها 40 مليون طن ابتداء من 2012 بدلا من 20 مليون طن. وعلى صعيد آخر توقع فغولي أن تتجاوز إيرادات الجزائر من المحروقات خلال هذا العام 50 مليار دولار، حيث كشف أن قيمة هذه المداخيل بلغت خلال شهر جانفي الماضي 4.3 مليار دولار أي بزيادة تفوق 33 بالمائة مقارنة مع الماضي.