يجري الحديث عن عرض أمريكي سيقدم إلى بعض العرب يسمى " إسرائيل مقابل إيران"، وملخص هذا العرض هو أن تبدأ إسرائيل في تفكيك أسلحتها النووية بعد أن تقدم إيران على ذلك، وهذا العرض مبني على أكذوبة كبرى، فنحن أمام تشويه فاضح للحقيقة، فإيران لا تملك السلاح النووي، وإذا كانت هناك نية حقيقية لمنعها من امتلاك القنبلة فإن أقصر الطرق إلى ذلك هو نزع السلاح النووي الإسرائيلي المؤكد، لكن إدارة أوباما تريد أن تسير على رأسها بدل السير على رجليها. أمريكا تقدم هذا العرض للنظام المصري، ومعلوم أن هذا النظام لا يملك أي تأثير على إيران، بل إنه منحاز إلى جانب إسرائيل وأمريكا ضد إيران، وهو يتقاسم هذا الموقف مع بعض الدول العربية المعروفة بتبعيتها المطلقة لواشنطن، ومن هنا فإن هذا الكلام قد يكون مجرد محاولة لجمع مزيد من الأدلة على فشل كل المساعي الدبلوماسية لحل أزمة الملف النووي الإيراني، وبعدها سيتم الإعلان عن اللجوء الاضطراري لخيار الحرب، وما يدعم هذه الفرضية هو أن هذا التمويه يأتي متزامنا مع اتهامات إسرائيلية أمريكية لسوريا وإيران بتزويد حزب الله بصواريخ سكود، ومع الإعلان عن بداية المفاوضات بين سلطة عباس وإسرائيل، وهي كلها تفاصيل توحي بأن طبخة كبيرة أصبحت جاهزة وربما ستكون هناك حاجة إلى استعمال النار والدخان حتى تستوي الأمور بشكل نهائي. أخطر المؤشرات على الإطلاق هو ذهاب نتنياهو إلى مصر ولقاءه مبارك، فالإسرائيليون تعودوا في السنوات الأخيرة على إعلان حروبهم على الفلسطينيين والعرب من القاهرة، وليس مستبعدا أن يعود رئيس الوزراء الإسرائيلي بموافقة مصرية على عمل شيء ما لإعادة ترتيب المنطقة، وستكون البداية دوما من الحلقة الأضعف، واستئناف المفاوضات بين سلطة عباس وإسرائيل أكبر إشارة على أن العرب المتحالفين مع إسرائيل ماضون على طريق التنازل إلى آخر رمق، وعلى عكس ما يروج في وسائل الدعاية الرسمية العربية، فإنهم مصرون على جعل إسرائيل القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.