اختتمت قمة الأمن النووي بواشنطن أعمالها يوم الثلاثاء 13 أفريل الحالي بإصدار بيان وخطة عمل تدعو إلى القيام بأعمال وإجراءات ملموسة.. واجتمع زعماء 46 دولة من بينها الولاياتالمتحدة إضافة إلى ممثلين عن الأممالمتحدة، والاتحاد الأوروبي، والوكالة الدولية للطاقة الذرية في واشنطن على مدى يومين من اجل بحث سبل منع وقوع المواد النووية في أيدي ''الإرهابيين'' و''اللاعبين غير الرسميين''. وأكد البيان التزام الدول المشاركة في العمل على ضمان تأمين المواد النووية خلال أربع سنوات، فيما تحدد خطة العمل الخطوات المحددة بشأن كيفية تنفيذ الأهداف والالتزامات الواسعة التي وردت في البيان، وقال الخبراء إن قمة الأمن النووي انبثق عنها رؤيا أمريكية وغربية بخصوص الحد من الأسلحة النووية في العالم وضبط إنتاجها، وكان الهدف الرئيسي هو لجم الرغبة الإيرانية في الحصول على سلاح نووي تقول طهران إنه لأغراض سلمية، ولكن ما كان ملاحظ للغاية في المؤتمر هو تغييب الموضوع الاسرائيلي مع أن إسرائيل تتفرد بترسانة نووية ضخمة يقدر الخبراء أنها تحوي الآن 500 رأس نووي، لا تخضع للتفتيش أو الرقابة الدولية، ولا تندرج ضمن الدول الموقعة علي اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، يشكل خطرا قائما وموجودا يهدد منطقة الشرق الأوسط، ويدفع دولها إلي سباق تسلح نووي، ويزيد من فرص امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل.. وبرغم هذا الخطر القائم والمحدق بمنطقة هي أخطر المناطق الاستراتيجية في العالم، اختار مؤتمر الأمن النووي، الذي أنهي أعماله في واشنطن أن يتجاهل هذا الخطر الداهم تحت ضغوط الولاياتالمتحدة، التي حددت للمؤتمر موضوعا واحدا هو خطر استحواذ أي من جماعات الإرهاب علي سلاح نووي. مؤتمر واشنطن ينعقد وسط اهتمام دولي كبير حظي مؤتمر الأمن النووي الذي انعقد بواشنطن باهتمام عالمي كبير، فقد تطلعت دول العالم إلى المؤتمر الأمن النووي والذي يلزم الدول المشاركة فيه بعدد من الاتفاقيات الدولية لمنع استخدام الطاقة النووية لأغراض غير سلمية وفقا للبرنامج الذي وضعه الرئيس الأمريكي باراك اوباما للمؤتمر. وقدمت الدول ال46 التي شاركت في القمة المخصصة للأمن النووي وتهديد الإرهاب النووي على مدى يومين خطة عمل ضمان حماية وامن طاقتها النووية بالإضافة إلى أجندة عمل القمة، كما طالبت الدول المشاركة في البيان الختامي بتنظيم حملة ضد عمليات تهريب المواد النووية السائبة ودعم قرارات مجلس الأمن لوضع معايير ضمان امن منتجات اليورانيوم عالي التخصيب والبلوتونيوم. كما سعت القمة التي ضمت اكبر تجمع دولي لقادة العالم في واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية عام 1945 إلى إقرار المشاركين خطة عمل مفصلة لاعتماد خفض جميع المواد النووية السائبة في غضون أربع سنوات، وجاء مؤتمر الأمن النووي في إطار برنامج الرئيس الأمريكي اوباما الذي وعد أثناء حملته الانتخابية ''بالسيطرة على المواد النووية السائبة في العالم'' وهو وعد يراه الخبراء بأنه ''على وشك أن يتحقق''. وفي هذا السياق أكد وزير الدفاع الأمريكي السابق ريتشارد كوهين في مقابلة تلفزيونية على قناة (أم أس أن بي سي) ان ''هناك اتفاقا عاما بين المشاركين في القمة بوجود تهديد من الجماعات الإرهابية والتي تسعى للحصول على الأسلحة النووية''، وأضاف كوهين أن ''الرئيس اوباما يرغب في التركيز على هذه القضية بالذات لأنها من اخطر التهديدات الأمنية التي يواجهها عالمنا اليوم''. من جهتها دعت الإدارة الأمريكية دول العالم المشاركة في القمة ''للالتزام بتعهدات معينة تساعد على ضمان امن المواد النووية السائبة داخل بلادهم أو التأكيد على عدم تسريبها إلى دول أخرى''، وطلبت الإدارة الأمريكية من الكونغرس تحديد مبلغ 3,1 مليار دولار لبرنامج امن الأسلحة الدولية والدمار الشامل في السنة المالية القادمة، ولم تدعو الولاياتالمتحدة جميع الدول التي لها أنشطة نووية مثل كوريا الشمالية التي تملك أسلحة نووية وإيران التي تتهمها بتطوير سلاح نووي وسوريا التي تعتبر أنها ''لم تعمل بجهد على قضية نزع السلاح'' وبيلاروسيا التي يعتبرها المحللون ''دولة دكتاتورية''. الرؤيا أمريكية والغربية تسيطر على قمة الأمن النووي ان قمة الأمن النووي التي انعقدت مؤخرا في واشنطن بدعوة أمريكية انبثق عنها رؤيا أمريكية وغربية بخصوص الحد من الأسلحة النووية في العالم وضبط إنتاجها، وكان دافع وهاجس المؤتمر وفزاعته الخوف من وصول الأسلحة النووية إلى أيدي إرهابيين مفترضين. وورد ذلك وفقا لما قاله الرئيس الأمريكي قبل عقد المؤتمر مؤكدا أن أكبر تهديد للأمن الأمريكي سواء على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل هو احتمال حصول منظمة إرهابية على سلاح نووي. وشارك في المؤتمر زعماء ومسؤولين كبار من 46 دولة استضافها الرئيس الأمريكي حيث حثهم على الانضمام لخطته الرامية لتأمين مخزونات المواد النووية في عدة دول مختلفة والمعرضة لخطر النقل والعبث والتصرف فيها في غضون أربع سنوات قادمة، ومنذ عهد الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان والمباحثات التي أجراها مع ليونيد بريجينيف وزعماء آخرين من الاتحاد السوفييتي في ثمانينات القرن الماضي حول تخفيض عدد الأسلحة النووية في كلا البلدين حيث وضعت الاتفاقيات ووقعت بينهما وانحصر سباق التسلح بينهما في حينه، وأبرمت اتفاقيات لاحقة بين أميركا وروسيا منها ستارت (1) وبعدها ستارت (2) التي أكدت أن مصلحة ورخاء العالم يرتبط بتدمير أسلحة الدمار الشامل كلها عن كوكب الأرض، وهناك مجموعة غير قليلة من دول العالم تمتلك السلاح النووي وهناك دولا أخرى تجري بخطى حثيثة لامتلاك السلاح النووي، وهذا ما يفسر التخوف الغربي والامريكي من إيران بسبب مضيها وتقدمها في تخصيب اليورانيوم وعزمها على دخول النادي النووي العالمي في الزمن القادم القريب وفقا لتصريحات بعض مسؤوليها. ولا يخفى أيضا على المتعقبين للأحداث ظهور الخوف الأمريكي غير المعلن بشكل مباشر من انتقال السلاح النووي الباكستاني لأيدي الجماعات الإسلامية المناهضة لنظام الحكم غير المستقر في باكستان وعلى وجه الخصوص جماعة طالبان باكستان المناوئة للحكم والمناوئة أيضا للتدخل الأمريكي والغربي في الشؤون الباكستانية ويؤكد ذلك قصف الطائرات الأمريكية لهذه الجماعات. ترسانة إسرائيل النووية ضخمة الخطر المغيب بفعل فاعل قد يكون وقوع سلاح نووي في يد إحدى جماعات الإرهاب خطرا محتملا، يعتقد كثيرون أن فرص وقوعه لاتزال ضئيلة ومحدودة برغم خطورة آثاره الكارثية علي أمن العالم واستقراره. لكن تفرد إسرائيل بترسانة نووية ضخمة يقدر الخبراء أنها تحوي الآن 500 رأس نووي، لا تخضع للتفتيش أو الرقابة الدولية، ولا تندرج ضمن الدول الموقعة علي اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، يشكل خطرا قائما وموجودا يهدد منطقة الشرق الأوسط، ويدفع دولها إلي سباق تسلح نووي، ويزيد من فرص امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل.. وبرغم هذا الخطر القائم والمحدق بمنطقة هي أخطر المناطق الاستراتيجية في العالم اختار مؤتمر الأمن النووي، الذي أنهي أعماله في واشنطن أن يتجاهل هذا الخطر الداهم تحت ضغوط الولاياتالمتحدة، التي حددت للمؤتمر موضوعا واحدا هو خطر استحواذ أي من جماعات الإرهاب علي سلاح نووي. وعليه فالحقيقة الساطعة والتي يعرفها معظم زعماء وشعوب العالم هو أن الخطر الحقيقي هو قادم من الدول التي تملك الآن أسلحة نووية منذ سنوات طويلة وليس الخطر من الدول أو الجماعات التي لا تمتلكه، وأيضا لا خطر متحقق الآن من الدول التي تسعى لامتلاك السلاح النووي وتتخذه مستقبلا كعامل رعب وعامل ردع للدول التي تملك أسلحة نووية وربما تسول لها نفسها لتهدد أمن ونهب ثروات بعض الدول في العالم مثلما تشكل القاعدة القانونية المتشددة في القانون الجزائي من عامل ردع لعدم ارتكاب الجريمة، فالخطر الإسرائيلي النووي قائم منذ أربعين عاما والمنسي بفعل فاعل أو تقاعس بعض الدول العربية عن إثارته كمصدر خطر عالمي كبير تلوح به إسرائيل كعلامة فارقة لها للتفوق على دول الشرق الأوسط العربية والإسلامية، ولذلك لا تحترم إسرائيل حقوق الغير ولن ترضخ لسلام يعيد الحقوق لأصحابها ولهذا لا يجبر إسرائيل على احترام حقوق الغير والانسحاب من الأراضي التي احتلتها سوى الحرب التي ينتصر بها العرب انتصارا صريحا، وإسرائيل لن تمكن العرب من الانتصار عليها لأنها ستلوح باستخدام الصواريخ ذات الرؤوس النووية التي لديها والتي تغطي كافة الدول العربية والإسلامية المحيطة وهذا الأمر يجسد خير مثال على تهديد الأمن والسلم الدوليين من قبل الأسلحة الذرية الإسرائيلية. الخطر النووي وازدواجية المعايير الدولية من المؤسف أن تستمر إسرائيل في خداع العالم تحت ذريعة الغموض النووي التي يعرف الجميع أنها ذريعة كاذبة ومضللة، علي الأقل منذ تكشفت أسرار ما يجري في أقبية مفاعل ديمونة بالحقائق والأرقام والصور، عندما أطلق الاسرائيلي فانونو الذي كان يعمل ضمن الطاقم الفني في المفاعل شهادته للتاريخ التي نشرتها صحيفة الغارديان قبل عدة سنوات.. ومع ذلك لاتزال إسرائيل تستخدم هذه الذريعة الكاذبة للإفلات من رقابة الوكالة الدولية للطاقة علي منشآتها النووية، يساندها في ذلك المعايير المزدوجة للولايات المتحدة التي تحرص علي تفرد إسرائيل بامتلاك السلاح النووي..بينما تطارد إيران التي وقعت علي اتفاقية الحظر، وتحاصرها بالعقوبات لمجرد أنها استخدمت حقها في تصنيع الوقود النووي الذي تنص عليه معاهدة الحظر، دون أن يثبت حتي الآن، طبقا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة، أن مشروعها لتخصيب اليورانيوم يتخفي وراءه برنامج عسكري لتصنيع سلاح نووي، وما يزيد الوضع سوءا إصرار واشنطن علي الصمت برغم كثرة التقارير الدولية الفنية، التي تتحدث عن تقادم مفاعل ديمونة في النقب ومخاطر تعرضه لتسرب إشعاعي يلوث المنطقة بأكملها، لقد اجتمع مؤتمر الأمن النووي في واشنطن الذي ضم رؤساء 46 دولة في أضخم تجمع دولي تشهده العاصمة الأمريكية علي طول تاريخها، وفي غيبة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نيتانياهو الذي طلب منه الاعتذار عن عدم الحضور كي يسهل إغلاق ملف إسرائيل النووي إذا صمم الأتراك والمصريون علي ضرورة أن يبحث المؤتمر إخضاع منشآت إسرائيل النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة، وظفر الرئيس الأمريكي أوباما بما كان يريد عندما اتفقت الدول المجتمعة علي عدد من الإجراءات الفردية والجماعية في إطار خطة تستغرق 4 سنوات لتأمين الترسانات النووية ومخازن الوقود عالي التخصيب الذي يصلح لصنع سلاح نووي ومعامل البحث العلمي التي تستخدم البلوتونيوم بهدف إغلاق كل الفرص أمام إمكانية حصول أي من الجامعات الإرهابية علي سلاح نووي أو مواد نووية تصلح لصنع سلاح نووي. إيران.. الغاية الحقيقية من المؤتمر الأمن النووي يقول الخبراء ان الغاية الحقيقية التي كانت من المؤتمر الأمن النووي كان لحشد الجهود الدولية والحصول على تفويض لمنع إيران من إكمال برنامجها النووي السلمي والحربي من خلال فرض عقوبات عليها لعرقلة مشروعها النووي أو شن حرب استباقية عليها لمنعها من إجراء المزيد من عمل الأبحاث وتخصيب اليورانيوم من باب أن الهجوم خير وسيلة للدفاع مثلما حدث في العراق وغيرها من دول العالم، والغاية من القمة كانت أيضا لوضع خطة بتأييد دولي للسيطرة على السلاح النووي الإسلامي الباكستاني أو وضعه تحت المراقبة والحراسة بحجة الخوف من وصوله لأيدي الجماعات الإسلامية المناوئة للنظام الموالي لأميركا والتي يطلقون عليها مصطلح (الجماعات الإرهابية) خوفا من نجاح الجماعات الإسلامية في قلب نظام الحكم في الباكستان واستلام الحكم فيها، وما انتشار القوات الأمريكية في أفغانستان ومياه الخليج العربي إلا تهيئة للحرب المتوقعة والغاية المستشفة من القمة النووية هو للبحث عن مبرر لمعاقبة أو ضرب إيران بعد الحشد الدولي في القمة التي عقدت في واشنطن، كما كشفت تقارير إعلامية دولية بان هناك خططا أمريكية وإسرائيلية لضرب إيران بالقنابل الضخمة والذكية كما كشف ذلك مؤخرا رئيس هيئة الأركان العامة للقوات الروسية الجنرال نيقولاي ماكاروف في مؤتمر صحافي في موسكو، والرئيس الأمريكي بحشده زعماء العالم لمواجهة التهديدات النووية من خلال إيجاد سبل لضمان عدم وصول المواد النووية التي تنطوي على خطورة للأيدي الخطأ وأيضا لإيجاد سبل تأمين الأسلحة النووية وتأمين الوقود الخطر الذي يستخدم في مفاعلات الطاقة المدنية لعدم استخدامه في صناعة الأسلحة النووية وكذلك التوصل لكيفية لضبط ومنع تهريب التكنولوجيا والمعرفة النووية لمن لا يملكونها، وخرج المؤتمر أيضا بوضع ضوابط جديدة للحد من انتشار الأسلحة النووية وظهرت رغبة الرئيس الأمريكي في تنشيط معاهدة حظر الأسلحة النووية لعام 1970م كوسيلة وأداة لمحاسبة دول تسعى لامتلاك السلاح النووي مثل إيران، فكان الأولى حقيقة هو بحث أسلحة إسرائيل النووية المتقدمة وبكمية كبيرة والتي تهدد العالمين العربي والإسلامي، ولكن للأسف غياب الثقل العربي وغياب القرار العربي المستقل منع البحث في هذا الموضوع بصورة جدية.