تعتقد طهران بأنها نجحت في خطف الأضواء عن مؤتمر (واشنطن النووي)، حيث نظمت بالمقابل مؤتمراً "نووياً" يبحث في الأوراق السرية لمخزونات واشنطن وعواصم غربية و"إسرائيل" لمخزوناتها السرية من الأسلحة النووية، وهي القضية التي تجاهلها مؤتمر واشنطن وحاول التغطية عليها من قبل إثارة موضوع "الإرهاب النووي"، و"الخطر النووي الإيراني في المستقبل". يقول محمد مهدي أخوندزاده مساعد الشؤون الدولية والقانونية لوزارة الخارجية الإيرانية: "إن هناك أكثر من ثمانية وزراء خارجية وممثلين عن منظمات إقليمية ودولية وستين دولة شاركوا في مؤتمر طهران لنزع السلاح النووي". أضاف: "إن هذا المؤتمر كان يدور بخلد إيران منذ سنوات، لكنه اليوم رأى النور وتحققت الأهداف"، وأشار أخوندزاده إلى أن هذا المؤتمر بحث في آليات نزع الأسلحة النووية وكشف حقيقة الآثار السلبية للأسلحة النووية وقال: "إن طهران نجحت في وضع اللبنات الأساسية لهذا المؤتمر الذي سيعقد سنوياً وستكون هناك أمانة ستشكل جلسات فصلية لمتابعة قرارات المؤتمر" وأكد أن المؤتمر رفع صوته عالياً "لا للأسلحة النووية نعم للتقنية النووية"، وأوضح أخوندزاده أن العالم يستمع إلى الدول التي لا تملك السلاح النووي، إذ ليس من المنطق أن تتحدث دولة عن نزع الأسلحة ولديها عشرات الآلاف من الرؤوس النووية" حرب سرية إن طهران التي اختارت طريق المنازلة ضد أمريكا و"إسرائيل" بسبب "التدخل في شؤونها الداخلية" منذ 30 عاماً، حسب تصريحات المسؤولين الإيرانيين، لم تخف العمليات الاستخباراتية التي قامت بها أمريكا ضد إيران، وخاصة في مجال خطف علمائها النوويين ضمن سياسة "الاستدراج والاحتواء"، حيث رصدت الولاياتالمتحدة مبلغ 400 مليون دولار لتقليص برنامج إيران النووي من الداخل ضمن سياسة عرفت منذ عهد بوش ب "تجفيف العقول النووية الإيرانية"، أي التغلغل إلى برنامج إيران النووي من الداخل ومحاصرة علمائه النوويين عن طريق تقديم الإغراءات وفتح الأجواء لهم بالهجرة إلى الغرب ومنحهم المخصصات المغرية. ويمكن طرح قضية العالم النووي الإيراني شهرام أميري الذي اختطفته ال "سي آي أيه" حيث وصفت قناة "أي. بي. سي" الأمريكية ما جرى بأنه "انقلاب استخباراتي" قامت به "سي آي أيه"، وأن أميري قدم معلومات مفصلة حول المشروع النووي الإيراني أسهمت في كشف منشأة نووية كانت قيد الإنشاء بالقرب من مدينة قم الإيرانية. من جانبها أكدت طهران أن شهرام أميري الذي كان يعمل كعالم نووي بجامعة مالك الاشتر "اختطف" من قبل الولاياتالمتحدة عندما ذهب لأداء مناسك العمرة في شهر جوان الماضي. واحتجت إيران لدى الأممالمتحدة كذلك على ما اسمته "خطف" مواطن آخر هو علي رضا أصغري، الذي كان نائباً لوزير الدفاع وقائداً في الحرس الثوري . حيث اختفى عندما كان في زيارة لتركيا في 2007. وتتهم طهران الاستخبارات الأمريكية باغتيال العالم النووي الإيراني مسعود علي محمدي، في شهر جانفي الماضي. وفي مقابل ذلك ألقت طهران القبض على عدد من السياح الأمريكيين في منطقة كردستان كانوا ينوون الحصول على معلومات عن برنامج إيران النووي حيث تستروا بمهنة السياحة وكذلك الصحافة. وتحرص طهران ومنذ مجيء الرئيس أحمدي نجاد إلى الحكومة منذ خمس سنوات إلى التستر بشكل كامل على خطوات برنامج إيران النووي، وقد تعمد الرئيس نجاد إيجاد تغييرات في مفاصل برنامج إيران النووي خوفاً من الاختراق الأمريكي "الإسرائيلي". يقول ثمرة هاشمي كبير مستشاري الرئيس أحمدي نجاد: "إن الرئيس نجاد يحلم ببناء أكبر برنامج نووي في المنطقة وفق المقاسات القانونية"، وقال هاشمي: "إن برنامج إيران النووي يتحرك وفق القوانين الخاصة بمعاهدة "أن بي تي" وإن طهران لا تريد أبداً الانسحاب من المعاهدة"، وأضاف: "إن التهديدات الغربية بضرب برنامج إيران النووي هي تهديدات تتعارض وقيم الوكالة الدولية"، وأشار هاشمي إلى أن برنامج إيران النووي سيكون في خدمة المنطقة. ومهما قيل عن مؤتمر طهران النووي إلا أن القراءة الغربية خاصة الأمريكية لهذا المؤتمر تتعارض وتطلعات المشاركين فيه، فواشنطن تعتقد بضرورة أن تنفذ طهران مقررات الوكالة الدولية وأنها مازالت تتحرك مع الحلفاء لفرض عقوبات على إيران لأن واشنطن تعتقد أن برنامج إيران النووي بحاجة إلى متابعة دقيقة، متهمين طهران بأنها القاعدة التي ستؤمن لأفراد القاعدة الأسلحة النووية. ومما عزز من التفكير الأمريكي والأوروبي، هو عرض إيران لصواريخ جديدة في يوم الجيش وهي الأيام التي أعقبت المؤتمر. صراع مستمر يقول الباحث الإيراني أمير موسوي، إن الصراع الإيراني الأمريكي سيستمر وإنه يأخذ أبعاداً أخرى فهو لا يعتمد على آلية محددة بل إنه صراع يدخل في المجال الاستخباراتي والعملياتي. وتوقع موسوي حصول مواجهة إيرانية أمريكية بسبب تصريحات جنرالات المؤسسة العسكرية الأمريكية، فهؤلاء يعتقدون أن وصول إيران إلى القنبلة النووية سيضع "إسرائيل" في مواجهة الخطر والفناء، لا سيما أن الرئيس نجاد طالب الأوروبيين مراراً بضرورة تفكيك أركان "إسرائيل" وإعادتها إلى منطقة في القطب الشمالي أو في منطقة تختارها أوروبا. وأكد موسوي أن الهم الأمريكي ضد إيران يتركز على العداء الإيراني "الإسرائيلي"، لأن الإدارة الأمريكية تعتقد أن تهديد الأمن "الإسرائيلي" إنما هو تهديد لأمريكا، وكان الرئيس نجاد قد أشار إلى تلك الحقيقة في يوم الجيش قائلاً: إن "إسرائيل" سلكت الطريق المؤدية إلى سقوطها، وأضاف: إن النظام الصهيوني سلك الطريق المؤدية إلى سقوطه ودول المنطقة بعد نحو ستين عاماً على وجود "إسرائيل" تريد استئصال هذه الجرثومة الفاسدة التي هي السبب الرئيس لاختلال الأمن في المنطقة. ودعا نجاد الدول الغربية إلى "التخلي عن نزعتها العسكرية والكف عن دعم هذا النظام القاتل (إسرائيل). بانتظار صفقة وأخيراً فإن خبراء إيرانيين يعتقدون بأن صعود أسهم المواجهات لايعني إغلاق باب التسويات، فمازالت طهران تلمح إلى إمكان تنفيذ صفقة التبادل النووي وهي جزء من المشكلة مع الغرب، إلا أن الخبير نوري علي زاد يري أن التجارب التاريخية للعلاقات الإيرانيةالأمريكية حافلة بالكثير من التناقضات، ففي الوقت الذي نرى فيه التصريحات النارية العلنية نرى في الخفاء أن هناك رسائل سرية لم يعلن عنها إلا بعد مرور أسابيع أو شهر. وأضاف: في الأزمة الإيرانيةالأمريكية هناك رجال يتحركون في الخفاء ووراء الكواليس لإبرام "صفقة ما" قد ترضي الجميع، لكنها لن تمنع الإيرانيين من المضي ببرنامجهم النووي، وأشار نوري زاد إلى أن واشنطن تحتاج إلى طهران في المنطقة، وهي لا تريد مواصلة عملية الوقوف ضد شركاتها التي تتطلع إلى الاستثمار في إيران