دعا المؤرخ محمد القورصو، أمس،إلى التعجيل بالمصادقة على مشروع قانون تجريم الاستعمار، من أجل قطع الطريق على عدد من النواب الفرنسيين الذين يحاولون تمرير مقترح قانون لدى الجمعية العامة الفرنسية للاعتراف بما أسموه معاناة فرنسيين في الجزائر على يد جبهة التحرير الوطني، وقال قورصو إن علينا أن نتحرك قبل أن نتحول من خلال مطلب هؤلاء النواب الفرنسيين من ضحية إلى جلاد. أبرز المؤرخ محمد القورصو في اتصال هاتفي مع » صوت الأحرار« خطورة محاولات جهات فرنسية استغلال بعض الملفات من أجل عرقلة تمرير قانون تجريم الاستعمار في البرلمان الجزائري، واعتبر قورصو أن آخر هذه المحاولات والتي تتمثل في اقتراح عدد من النواب الفرنسيين قانون لدى الجمعية العامة الفرنسية للاعتراف بما أسموه معاناة فرنسيين في الجزائر على يد جبهة التحرير الوطني، قد جاءت من أجل قطع الطريق على مقترح قانون تجريم الاستعمار الذي ينتظر المصادقة. وأضاف قورصو أن فرنسا تحاول استخراج ملفات تاريخية لا قيمة لها من أجل استغلالها في التموقع ضد تمرير الجزائر مشروع قانون تجريم الاستعمار، ولفت المؤرخ إلى أن فرنسا تتخذ سياسة الهجوم للدفاع عن ماضيها الأسود، والدليل على ذلك أنها كانت سباقة إلى وضع قانون تمجيد الاستعمار عام 2005. وعلى هذا الأساس، أبدى قورصو تخوفا واضحا من أن تنجح باريس في تمرير مقترح القانون الفرنسي الذي يجرم جبهة التحرير الوطني ما بين 1962 و1963 أمام البرلمان ويصبح مكسبا تستفيد منه فرنسا، في وقت لا يبارح فيه مشروع قانون تجريم الاستعمار في الجزائر مكانه، وبهذا- يقول قورصو - يتحول الضحية إلى مجرم. وتابع المتحدث قائلا إنه يجدر بنا أن تكون لنا مواقف هجومية من منطلق أن أفصل وسيلة للدفاع هو الهجوم، معتبرا أن هذا لن يتأتى إلا من خلال تعجيل البرلمان بالمصادقة على مشروع قانون تجريم الاستعمار، قبل أن تؤدي محاولات فرنسا المتكررة إلى إحباطه. وفي السياق، انتقد قورصو بشدة مشروع القانون الفرنسي الذي يزعم النواب الفرنسيون المنادون به تجريم حزب جبهة التحرير الوطني واتهامه بارتكاب جرائم ما بين عامي 1962 و 1963، مؤكدا أن جبهة التحرير الوطني لم تكن ضمن الأبجديات السياسية الفرنسية، ذلك أنها لم تكن معترفا بها آنذاك كمدافع عن حقوق الجزائريين، بل على العكس من ذلك كانت في نظرهم جبهة للمجرمين، أما اليوم فقد أنصفها التاريخ بعد أن اعترفت فرنسا بأن ما جرى مع الجزائر كان حربا. وذكر قورصو بتاريخ فرنسا الإجرامي الذي تنساه أو تتناساه في كل مرة، قائلا:» الآن فرنسا نسيت تاريخها، ونسيت أنها انتقمت من فرنسيين شاركوا في الحرب ضد ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث أنها زجت بهم في السجون كما قتلت الكثيرين منهم«، وأضاف قورصو أن جبهة التحرير الوطني قد قتلت عديدا من الفرنسيين غداة الاستقلال، لكن هؤلاء كانوا فلول المنظمة العسكرية السرية الفرنسية ممن قتلوا وذبحوا وفعلوا ما فعلوا بالجزائريين. وعلى صعيد آخر، وفيما يتعلق بفيلم » خارجون عن القانون« للمخرج رشيد بوشارب الذي هز الدوائر الرسمية الفرنسية، فقد أوضح قورصو أن الضجة التي أثارها الفيلم قد خدمت الجزائر أكثر من أي قانون، ذلك أنه قد أبرز وجود تيار داخل فرنسا مناهض لسياسة تزييف التاريخ.