أكد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أن القارة الإفريقية بثلاث وخمسين بلدا ومليار من السكان لا يُمكنها أن تبقى قابعة على هامش مجريات صناعة القرار الدولي وتكتفي بدور المتفرج الذي يُكابد العواقب الوخيمة لهذه القرارات، ورافع خلال قمة إفريقيا وفرنسا، لصالح تعزيز تمثيل البلدان النامية في المؤسسات الدولية وإشراكها إشراكا فعليا في عمليات اتخاذ القرار، ودعا إلى توسيع مجموعة ال20 والذهاب أبعد من إدماج بعض من الأعضاء أو المؤسسات الإفريقية في هذه المجموعة، وهو نفس التوجه الذي أبداه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال كلمته الافتتاحية للقمة. مبعوث »صوت الأحرار« إلى نيس: ف.بعيط انطلقت القمة »الفرانكو إفريقية« على الساعة الثانية مساء أمس بتوقيت فرنسا بحضور حوالي 40 رئيس دولة وحكومة إفريقية، وشهدت القمة التي تنعقد بمدينة »نيس« بحضور وفود إعلامية من مختلف بقاع المعمورة، كلمتين افتتاحيتين الأولى للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والثانية للرئيس المصري حُسني مبارك باعتبار أن مصر كان من المقرر أن تكون حاضنة هذا القمة، ولجأ الرؤساء بعد الكلمتين الافتتاحيتين إلى عقد الجلسة الأولى حول مكانة إفريقيا في إدارة العالم، ليتم بعدها أخذ صورة تذكارية لرؤساء الدول والحكومات قبل الشروع في الجلسة الثانية حول قضايا السلم والأمن. وفي هذا السياق، شدد الرئيس عبد العزيز خلال مشاركته في الجلسة الأولى على أنه يتعين على المؤسسات المالية الدولية كذلك أن تُعزز عضوية البلدان النامية عامة والإفريقية بوجه أخص باعتبار أن بلدان الجنوب عكفت منذ عقود خلت على المطالبة بإصلاحات في هذا المجال، موضحا في السياق ذاته، أن الشراكة بين إفريقيا ومجموعة الثمانية في إطار الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا »نيباد« أتاحت إقامة حوار منتظم وصريح ومثمر حول قضايا التنمية والسلم والأمن بما يخدم المصلحة المشتركة للطرفين، ومنه دعا إلى ضرورة الحرص على أن تتواصل هذه الشراكة وتتعزز أكثر فأكثر. وبعد تأكيده بأن مجموعة العشرين نجحت أمام الصدمات المتتالية التي هزت الاقتصاد العالمي في فرض نفسها كمنتدى رئيسي لمناقشة وتحديد القواعد المدعوة لتأطير التعاون الدولي وضبط النشاط الاقتصادي العالمي من أجل استئناف ومضاعفة وتيرة رقي اقتصادي واجتماعي يخدم المجموعة الدولية قاطبة، أكد الرئيس بوتفليقة أن أهمية الرهانات والتحديات الواجب اتخاذها لإنعاش الاقتصاد العالمي إنعاشا مستداما قادرا على تجنب أزمات جديدة تقتضي تعزيز التشاور من خلال توسيع هذه المجموعة وضمان تمثيل يكون أكثر إنصافا. كما ذهب الرئيس بوتفليقة إلى التأكيد، بأن الجهود الكبيرة التي تقوم بها القارة الإفريقية لإيجاد محيط موات لتنميتها، لا يمكنها أن تتوافق مع محيط دولي يفتقر إلى التجانس ويتسم بالعدائية، وبرأيه، فإن رشاد الحكم الذي أنزلته إفريقيا منزلة الأولوية ضمن شروط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وطنيا وجهويا وقاريا، يعني في الوقت نفسه النسق الدولي، وواصل في هذا الإطار أن أكثر الحلول فعالية من أجل تنمية مستدامة يُمكن استقاؤها من التشاور الشامل والشفاف موضحا أن الجمعية العامة للأمم المتحدة هي الإطار الأمثل للقيام بهذا الإصلاح لفائدة قاطبة المجموعة الدولية. وخلال حديثه عن المجهودات المبذولة من قبل القارة الإفريقية للخروج من وضعيتها الحالية والارتقاء إلى قطب جديد للتنمية، ذكر بوتفليقة لجوء هذه الأخيرة إلى تحويل منظمة الوحدة الإفريقية إلى اتحاد إفريقي له هياكل تتماشى ومقتضيات الساعة، إضافة إلى اعتمادها الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا »نيباد« كإستراتيجية للتنمية ناهيك عن الآلية الإفريقية للتقويم من قبل النظراء المنبثقة عنها والتي تهدف إلى رشاد الحكم ودولة الحق في القارة، وحسب بوتفليقة، فإن إفريقيا قدمت الدليل على نضجها وحزمها خلال مفاوضات كوبنهاغن حول التغيرات المناخية، وهي مفاوضات ستمضي فيها إلى موعد مكسيكو المقبل. من جهته، أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال كلمته الافتتاحية، أنه لا يُمكن التطرق إلى القضايا الكبرى في العالم دون مشاركة إفريقيا، وشدد على أنه لا يوجد دول كبرى وأخرى صغرى بل هناك شركاء ودعا الرؤساء الأفارقة إلى التحدث عن كل شيء دون التخاصم، كما أوضح أن فشل إفريقيا يعتبر مأساة أوروبا وفرنسا . وأبان ساركوزي خلال كلمته، عن دعمه المُطلق للمطالب التي رفعتها إفريقيا بخصوص توسيع مجموعة ال20 وإصلاح مجلس الأمن الدولي، وذهب يقول في هذا السياق »يجب أن يكون مكان لإفريقيا في إدارة العالم ويجب إعادة هيكلة مجلس الأمن الدولي فمن غير المنطقي ألا يكون هناك عضو يُمثل إفريقيا«، مواصلا »فرنسا عندما ترأس مجموعة الثمانية الكبار ومجموعة العشرين ستأخذ مسؤوليتها في ذلك«. بدوره رافع الرئيس المصري حسني مبارك خلال كلمته الافتتاحية لصالح وقف التهميش الذي تعاني منه القارة الإفريقية ودعا إلى إعطائها الدور الحقيقي الذي تمثله في العالم وطالب بضرورة أن تُركز القمة على قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، وطالب بإنشاء آلية لمتابعة القرارات التي ستخرج بها القمة وتدعيم دور القطاع الخاص وجمعيات رجال الأعمال والمستثمرين الفرنسيين والأفارقة للدفع بتنفيذ وتمويل مشروعات خطة العمل بالتعاون مع حكومات الجانبين ولمؤسسات الإقليمية والدولية ذات الصلة.