في أي صف يقف محمود عباس؟ تصريحاته أمام قادة اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدةالأمريكية تؤكد أنه لا يقف في صف الشعب الفلسطيني، فمجرد الالتقاء بأعضاء بارزين في لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية المعروفة باسم أيباك، وهي اللوبي الصهيوني الرسمي في الكونغرس الأمريكي، يعني اعترافا بالصهيونية التي بقيت إلى عهد قريب مصنفة من قبل الأممالمتحدة كحركة عنصرية قبل أن تتخلص من هذه الصفة بسبب تفرد أمريكا بصناعة القرار في الأممالمتحدة. الأمر لا يتعلق باليهود، فالاعتراف بحق اليهود في فلسطين بالصيغة التي أعلنها عباس أمام غلاة الصهاينة في واشنطن، يتضمن اعترافا خطيرا بالمشروع الصهيوني الذي ينقض جوهريا الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وهذا الانحراف من جانب عباس لا يمكن تبريره سياسيا، ولا يمكن القبول بهذا التنازل تحت أي مبرر كان. التوقيت الذي جاءت فيه سقطة عباس يثير مزيدا من الشكوك، ففي الوقت الذي أصبحت فيه إسرائيل، والمنظمات الصهيونية المؤيدة لها، وعلى رأسها أيباك، تبحث عن مخرج من الورطة التي وضعت نفسها فيها بعد الجريمة التي اقترفتها في حق المشاركين في أسطول الحرية، يأتي عباس ليقدم تنازلا لم يطلبه أحد، وليعطي الانطباع أن المشكلة الآن تكمن في إنكار الفلسطينيين لحق يهودي مشروع، في حين أن الغرب تحديدا بدأ اليوم يتعرف على حقيقة الصراع على فلسطين ويقتنع بأن المشكلة هي هذا الكيان الإرهابي الذي لا يتصرف دون مراعاة للقوانين الدولية أو حتى للقيم الإنسانية. لقد كان حريا بعباس أن يكثف جهوده من أجل استغلال الحراك الدولي المطالب برفع الحصار عن قطاع غزة، لكنه اختار السير على الطريق المعاكس لحقوق الشعب الفلسطيني، وهاهو اليوم يضم جهوده إلى جهود غلاة الصهيونية من أجل تبييض صورة المجرمين الذين استحقوا لعنة كل شعوب الأرض، وهذا الموقف هو اختيار صريح لمعسكر غير معسكر فلسطين وشعبها الصابر المرابط.