تنفس الجزائريون الصعداء بعد التعادل الذي تحقق ضد الإنجليز، ورغم أن نتيجة التعادل لا تضمن التأهل للدور الثاني، بل يتعين على الجزائر الفوز ضد أمريكا وانتظار عدم انهزام سلوفينيا أمام الإنجليز، إلا أن الفرحة التي عمت ربوع الجزائر وأوساط الجالية الجزائرية في المهجر، تعكس عمق الصدمة التي تلقاها الجمهور الرياضي جراء الانهزام غير المتوقع أمام سلوفينيا. وعندما نجري مقارنة بسيطة، وبعيدة عن التحليل الرياضي الذي يجب أن نتركه للمختصين، نلاحظ أن هناك عاملا حاسما حضر في لقاء الجزائر ضد أمريكا ، بينما كان غائبا أمام سلوفينيا، إنه : الإقدام. والإقدام يعني أن يكون الإنسان أو الفريق مؤمنا بقدراته، ويكون قد استعد استعدادا تاما لليوم الموعود، سواء أكان هذا الموعد عملا أو مهمة أو امتحانا دراسيا أو مقابلة رياضية أو غيرها من أمور الحياة، ويعمل من أجل تحقيق الهدف وانجاز المهمة على أحسن وجه. الجزائريون كانوا أمام الإنجليز أكثر إقداما أي أكثر تحمسا وحرصا على تحقيق الفوز. فإذا كانت السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، فإن التراخي في العمل وعدم بذل الجهد الإضافي لتحقيق النتائج لا يمطر ألماسا ولا مرجانا أيضا. وهذا يعني أن العمل مشفوع بالرغبة القوية في تحقيق الفوز هو الذي يحول الهزيمة إلى انتصار، أي هو الذي يمطر الذهب والفضة والماس والمرجان وكل المعادن النفيسة. والإقدام يجب أن يكون مرافقا للإنسان إلى آخر لحظات الوقت المحدد، وقد رأينا في كثير من المرات، كيف أن احترام الوقت، ومواصلة بذل الجهد بكل قوة، هو الذي حسم الموقف في العديد من مباريات كرة القدم، إذا أخذناها كمعيار للقياس. وإذا لعب الفريق الجزائري بهذه الروح في مواجهة أمريكا الحاسمة والمصيرية، يكون قد أدى ما عليه، ويزيد من احترام الناس والجماهير الرياضية المختلفة. وقديما تغنى الشعراء والحكماء ب »الإقدام« و »الإرادة« اعترافا بأن كل من هما كفيل بتحقيق المعجزات. قال الشاعر العربي : وما استعصى على قوم منال ... إذا الإقدام كان لهم ركابا وما نيل المطالب بالتمني ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا وجاء في الأثر : إن لله عبادا إذا أرادوا أراد. وجعل بعض الصوفية إرادة الله جزء من إرادة العباد. وحتى في الحكمة الغربية : من أراد استطاع.