قمة خماسية عقدت بالجماهيرية الليبية من أجل الخروج بتصور لمستقبل جامعة الدول العربية وتطوير هذه المؤسسة التي بقيت على حالها منذ أن أنشئت في أربعينيات القرن الماضي? كنا نتوقع حسب الزعماء الذين التقوا تحت رئاسة العقيد معمر القذافي رئيس القمة العربية أن يؤسسوا لمشروع مستقبلي تصبح فيه «الجامعة العربية« تجمعا ذا نفوذ يمكن أن يفرض نفسه على الساحة الدولية، ويدافع عن المواقف العربية تجاه القضايا التي يتحكم فيها الآخرون دون أدنى اعتبار للعرب، من ذلك قضية العرب الأساسية القديمة الجديدة والدائمة، قضية فلسطين وما يمارسه الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين من قتل وتشريد وتدميز للأرض وتهجير للعباد، ضاربا عرض الحائط كل قرارات الشرعية الدولية، وها هو اليوم يصل إلى قضية تهويد المقدسات التي تأتي كمقدمة لما يجري لتدمير المسجد الأقصى، ولا حدث يعلو في الآفاق سوى أصوات الفلسطينيين وبعض العرب والمسلمين دون أن يكون لها صدى في مواقع صنع القرار. يفرض حصار لا إنساني على قطاع غزة، يقتل حاملو المساعدات الانسانية أمام الرأي العام العالمي وعن سابق اصرار، يحتجز آلاف الفلسطينيين في السجون? كنا نحسب أن القمة الخماسية ستحدد برنامج عمل للقمة الاستثنائية في شهر سبتمبر القادم ليوحد العرب كلمتهم على الأقل حول «المقاومة« وتقديم العون للشعب الفلسطيني من خلال قرار موحد يرفع الحصار كلية وليس جزئيا بزجاجات «الكاتشوب«، إلا أن الأخبار قالت بأنهم لم يتفقوا على أي شيء وعادوا إلى عواصمهم كما قدموا إلى الجماهيرية، عدا لقاءات ودية ومصالحات ثنائية لعداوات ستبقى محركا للشعور العام لدى هؤلاء باعتبارها نتاج خلاف مبدئي حول قضايا أساسية، الاتفاق حولها مغامرة، والاختلاف فيها دعم ومساندة لتلك الأنظمة، حتى عملية تطوير الجامعة العربية وإعادة النظر في هيكلتها لتستجيب للتطورات التي حصلت في العالم من حولنا، وفي العالم العربي لم يتم حولها الاتفاق، باعتبار أن الجامعة العربية أصبحت اليوم رهينة البلد الذي تتواجد فيه، فهو من يتحكم في سياستها، ولا يقبل المناقشة في عملية التدوير لمنصب الأمين العام للجامعة حتى أصبحت مجرد أداة لتمرير المشاريع التي لا تخدم القضايا العربية? السيد الأمين العام المحنك في عالم السياسة والذي له تجارب كبيرة وخبرة في التعاطي مع القضايا الدولية والعربية على وجه الخصوص، حاول أن يتحدث في اختتام القمة الخماسية بتقديم تبرير يتقبله الرأي العام العربي لعدم توافق الرؤساء وخروجهم من هذه القمة على اختلاف، ماعدا عملية المصالحة التي تمت بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر، واقتراحه بعقد قمتين في السنة، واحدة رسمية والثانية استثنائية وهي بدعة ابتكرها الرؤساء في قمة الجماهيرية الأخيرة (شهر مارس 2010) لحفظ ماء الوجه بعد أن أصبحوا عاجزين عن اتخاذ أي قرار في أي قضية مهما كانت بسيطة، فما أدراك بموقف حول الدعم للمقاومة الفلسطينية، ومواجهة العدو الصهيوني، وإصلاح ذات البين بين الفلسطينيين اضافة إلى الخلافات العربية-العربية? لقد تم تلهينا بقضايا تضرب وحدتنا واستقرارنا ليمرروا هم ما يشاؤون، يثيرون الملف النووي الايراني، الارهاب المتنقل من اليمن والسعودية إلى المغرب، الحصار على غزة وفتح المعابر إلى غير ذلك من القضايا التي تبقى مؤثرة على واقعنا العربي ولا تدفع بنا إلى أن نكون قوة قرار مؤثر على المستوى العالمي والدولي، وهكذا بقينا نصغر على الدوام من قمم عربية مؤثرة إلى أشباه قمم لا تتخذ أي قرار!!