❊ بهلولي: ضغط رهيب تعيشه الطبقة السياسية والمسؤولون في فرنسا ❊ القورصو: الجرائم ضد الإنسانية يجب أن تخضع للمتابعة القضائية والعقاب أكد المختص في القانون الدولي أبو الفضل محمد بهلولي والمؤرخ محمد القورصو الأهمية الكبيرة التي تكتسيها التسريبات، التي أدلى بها المؤرخون الفرنسيون، كونها تفضح باريس التي تتغنى بالدفاع عن حقوق الإنسان واحترام المعاهدات الدولية أمام الرأي العام الفرنسي والدولي، وأكدا أن ما يتضمنه الأرشيف العسكري الفرنسي يضاعف الاتهامات الموجّهة لباريس بخصوص ارتكاب جرائم ضد الإنسانية . أكد أستاذ العلوم السياسية والمختص في القانون الدولي أبو الفضل محمد بهلولي في اتصال مع "المساء" أن التسريبات التاريخية المهمة التي أدلى بها المؤرخون الفرنسيون حول استعمال فرنسا للأسلحة الكيميائية تشكل ضغطا كبيرا ورهيبا على الطبقة السياسية والمسؤولين في باريس، بالنظر إلى السمعة الكبيرة التي يتمتعون بها في مجال البحث التاريخي وتقصي الحقائق وكشف الاثار التاريخية. وقال الأستاذ بهلولي أن ذلك يؤكد للرأي العام الفرنسي بأن باريس التي كانت تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان واحترام المعاهدات الدولية والقانون الدولي قد نسفت كل ذلك، كونها تعمل في الغرف المظلمة وتبدي شيئا آخر، ما يعني أنها خرقت الاتفاقيات الدولية مثلما خرقت اتفاقية إيفيان التي على أساسها تمّ التوصل إلى وقف إطلاق النار، في حين أنها قامت بالتجارب النووية واستعملت الأسلحة الكيماوية التي تدخل في إطار العدوان وفق القانون الدولي. أما من ناحية القانون واستعمالها كأدلة قانونية، يرى أنها تدخل في إطار التحضير لملف مواجهة الاستعمار الفرنسي أو الفكر الاستعماري أمام الهياكل الأممية، لكونها تشكل أحد أركان الجريمة الدولية والمتمثلة في الركن المادي وجمع الحقائق والبحث والتحري حتى يتم الإعداد لملف قوي سواء أمام الهيئات الأممية أو أمام الجمعية العامة ولما لا الذهاب إلى الجمعية العاملة واستصدار قرار إدانة على الأفعال المرتكبة لقتل الجزائريين بالسلاح الكيماوي أو تخصيص يوم في الجمعية العامة تفضح قتل الجزائريين واستعمالهم كتجارب، فضلا عن تلويث البيئة وتخريب المحيط . وأشار إلى أن هذه التسريبات المهمة جدا من شأنها أن تساهم في الدفع بملف الجرائم الاستعمارية لاستعمالها الأسلحة النووية والكيماوية، فضلا عن توثيقها من الناحية القانونية والسياسية والأخلاقية وحتى الدبلوماسية على مستوى الوكالات الدولية. كما أوضح أن هذه التسريبات تأتي في سياق تصاعد الكراهية والعنف من قبل اليمين المتطرّف المتواجد في الحكم في فرنسا والذي يساير الفكر الامبريالي الاستعماري من خلال إعادة تنشيطه وتبني خطاب الكراهية والتعامل مع الدول بالعقلية الاستعمارية. وأبرز بهلولي أهمية هذه التسريبات من الناحية التاريخية، كونها تتطابق مع البحوث العلمية والتاريخية التي قام بها مؤرخون جزائريون، بالإضافة إلى البحوث العلمية المتخصّصة التي قامت بها المؤسّسات الرسمية في الجزائر، مما يؤكد على أن نتائج البحوث الجزائرية رغم قلة المصادر والمعلومات إلا أنها كانت ذات مصداقية وتتسم بالبعد العلمي. من جهته، قال المؤرخ محمد القورصو، عضو لجنة المؤرخين الجزائرية الفرنسية في اتصال مع "المساء"، إن هذا الصنف من الأسلحة كان معروفا لدى المؤرخين وقبلهم الشهداء والمجاهدين الذين كانوا ضحية هذه التجارب فضلا عن سكان المناطق المعنية بهذه التجارب. وأوضح أن الاكتشافات تتم بالتدرج على ضوء فتح الأرشيف، مضيفا أن ما كان اهتمام الجزائريين كان يتركز بشكل واسع ومتواصل على جمع الشهادات الشفوية وأن ما هو مخبأ في الأرشيف عاشه المواطن الجزائري في فترة الاحتلال وبعدها أثناء ثورة التحرير. وأشار محدثنا إلى أن الاستخدام الواسع والمكثف لهذه الأسلحة التي تعود إلى الحرب العالمية الأولى لم تحمل الجديد بالنسبة للمعنيين والضحايا والسكان المجاورين، مؤكدا أن الجديد هو ما يتضمنه الأرشيف العسكري الفرنسي، ما يضاعف أيضا الاتهامات الموجّهة للدولة المحتلة السابقة والدولة الفرنسية القائمة، لأنها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية التي يجب أن تخضع للمتابعة القضائية والعقاب.