لا أحد من أهل الفن والإبداع في الجزائر إلاّ ويعظم شأنه، ظل وفيا لمهنته ورسالته في هذا البلد.. كثير من المشاهدين يعرفونه..يحبونه.زيحترمون فيه سلاسة الأدوار التي يتقمصها والشخوص التي يجسدها من خلال الفن الرابع أو السابع..لا فرق.. قّم الكثير من الأدوار الرائعة في السينما وفي التلفزيون..أبدى في السنوات الأخيرة شغفا بالعمل الدرامي من خلال المسلسلات التلفزيوينية التي لا تكثر إلاّ في رمضان.. لم يسعفه حبّ السادة المشاهدين ليصنع منه نجما من النجوم العالية كما يحدث لأمثاله في مصر أو الشام.. بلده على قدّه..لم يحفل بالإبداع إلاّ متأخرا.. بلد عرف كل شيء متأخرا..الفن والجمال..العرفان والجميل..حتى نظام الدولة وسلطة الحريات والقانون.. بلد ظل مفتوحا على مدار التاريخ للجرح والذكرى..ولذاكرة تستعصي على التأريخ.. ! ومع ذلك ظل يعشق هذا البلد ويتطهّر لأجله بما استطاع من إنتاج درامي ومسرحي حاز تقدير الجميع من النقاد والجمهور العريض على السواء.. ظل يدافع عن شرف الفن وأن تكون فنانا إلى الرمق الأخير من حياته.. لم يكن ليصنع نهايته كما أراد..المرض أربكه وظلال سنوات طويلة من التهميش مثله كمثل أترابه من الفنانين وعشّاق الجمال في هذا البلد.. عاش »شاتي تمرة« من العرفان الحقيقي ومات » ولم يحصل حتى على العرجون.. ! العربي زكال..نهاية الفنان في الجزائر..صورته الأليمة في خربف العمر وصورته التي تدين سلطة لا تعترف بالفن والفكر والثقافة إلاّ بالمناسبات وبشيء من البهرجة والتوظيف الحقير.. رحل زكال مثلما رحل قبله كثير من الفنانين في الجزائر ليشهد على السلطة بأنها قصّرت وبأنها لا تلتفت حقا لكرامة الفنان وترضى له بمعاش تقاعد يدينها تماما ولا يجمّل صورتها إطلاقا مهما كان خطابها أو الديكور الذي يزيّن هؤلاء عند رحيلهم وحضور كاميرات تزييف الوعي التابعة للتلفزيون.. ! هناك فرق جوهري بين الموت والحتف.. أما الأول فأجل من ربّ الأجل..وأما الثاني فاغتيال لذكرى المبدع حيا وميتا.. رحل العربي زكال ليلتحق بربّه فمصيره كمصير كل إنسان..لكن من يصنع المعنى ويبعث رسائل الحب والجمال للناس باق إلى الأبد.. سيعود المشيعون إلى ديارهم ولكنهم لم يشيعوا المرحوم زكال فقط بل شيعوا صورة الفنان في الجزائر ، فقد طفح الكيل وآن لقانون الفنان أن يرى النور ويبصر معه الفنانون حقوقهم بما يضمن كرامتهم، فليست الجارة تونس أفضل منا وليس ما يقدمه الفنانون هناك أرقى مما يقدم عندنا.. وأرجوكم كفّوا أيديكم عن الفنان والإبداع واجترار الخطاب المنافق.. ! رحمة الله عليك أيها الفنان القدير.. العربي يا زكّال..