لازال المواطن جيلالي –ب يبحث عن سقف في مركز من مراكز الدولة يقبل مسؤولوها إيوائه دون أي تحفظ أو تمييز ليضع بذلك حدا لمعاناة كلها تشرد و مرض و بؤس بدأت مباشرة بعد قرار طرده المخطط و المدبر على حد قوله من المشرفين على مركز دار العجزة و المعوقين بباب الزوار منذ أكثر من سنة. يوميات المواطن جيلالي-ب تصلح لان تكون سيناريو لفيلم تحت عنوان "سقف للإيواء" لأنه إذا كان يتدبر قوت يومه من عند المحسنين و يضطر للصوم في معظم الأيام ،لم يجد للأسف حلا لمشكل الإيواء هو الذي لم يطالب كما طالب غيره بحقه في السكن بل طمع في سرير بإحدى المؤسسات المتخصصة في استقبال الأشخاص بدون مأوى حلم أصبح صعب التحقيق إن لم يبدو مستحيلا و نحن على أبواب فصل الشتاء حيث يزداد عدد النزلاء من المتشردين و غير المتشردين في مثل هذه المؤسسات. يعول هذا الرجل المريض كثيرا على المساعدة التي وعد بها "رايس" أمثاله في أكثر من مناسبة و يعتقد اعتقادا راسخا أن مشكله سيحل لكن من كبار المسئولين بعد أن ذاق كل أنواع الاهانات و الذل من بعض أشباه المسئولين الذين رفضوا استقباله و اخذ مشكله مأخذ الجد و لسان حالهم يردد ارجع لبلادك مشككين ربما في انتمائه لهذا البلد "أين أعود ..إلى زوجة أب سارعت بطردي من المسكن العائلي المسجل باسمها مباشرة بعد وفاة والدي تساءل باكيا وهو يحكي معاناته مع ظروف صحية صعبة وضعته في موضع خانة المصابين بالطاعون في مؤلف ارلبير كامي. يعيش جيلالي –ب نهاره متسكعا في شوارع العاصمة يجول و يصول بين أزقتها الضيقة تمضية للوقت حتى اعتاد سكانها و العاملين بها على هذا الوجه النحيف الذي يقصد بعض الذين يعرفون او سمعوا عن معاناته علانية بحثا عن وجبة ساخنة و يحول خجله الشديد في كثير من المرات يبيت صائما باستثناء الدواء الذي يضطر لأخذه بمعدل ثلاث مرات في اليوم و لا يمكن الانقطاع عنه بأمر طبيبه الخاص رغم تحذيرات هذا الأخير من الصوم و حتى و لو كان في شهر رمضان. لكن عندما يحل الليل و يقصد الناس منازلهم بحثا عن الراحة و السكينة و الدفء العائلي يتوجه هذا المواطن المسكين لأحد مخازن المؤسسات العمومية -نرفض ذكر اسمها حتى لا يطرد منها- متسللا ليبيت فيها مفترشا الأرض و ملتحفا السماء بعد أن رق لحاله بعض عمالها ووافقوا بإلحاح منه على إيوائه ليلا شريطة أن يغادر المكان عندما يبزغ نور الصباح حتى لا يفتضح أمره و أمر العمال الخيرين الذين فتحوا له أبواب مؤسسة من مؤسسات الدولة لا يعود إلى هذا الفضاء إلا ليلا في انتظار ما يخبئه له المستقبل. اعترف جيلالي –ب أن كثيرا ما يعتريه التعب و الإعياء من كثرة المشي و بطنه خاو فلا يجد غير قاعة الانتظار أو ما يعرف" باالبريجة" بمقبرة القطار ليستلقي فوق أرضيتها ليريح جسمه المتعب لا تقلقه أوامر العاملين بالمقبرة لمغادرتها مادام النوم لم يسجل بعد في قوائم الجنح أو الجرائم في القانون الجزائري قال هذا الشخص البائس. و اعترف ذات المتحدث أن و للأمانة لم يتردى وضعه ليزداد سوء إلا منذ حوالي ثلاثة أشهر كان قبل هذه المدة يبيت في احد المراقد بعد أن تطوع بعض المحسنين لدفع كراء السرير الذي كان يشغله ليلا لكن مع انقطاع هذه المساعدة اضطر لترك هذه النعمة التي لم تدم طويلا. أيامه المعدودات التي قضاها سواء على مستوى دار العجزة بباب الزوار أو دار الرحمة ببئر خادم يعتبرها بمثابة حلم جميل مر كالطيف على حياته التعيسة و التي بدأت بمرض و انتهت برحلة ضياع و تشرد . و يبقى هذا المواطن الذي يكاد أن يقنط من رحمة الله يعيش سلسلة من التناقضات فبين إصرار طبيبه على زيارته في مواعيد محددة لمتابعة حالته الصحية و إصرار مسئولي دور العجزة لعودته إلى مسقط رأسه الذي لم يزره منذ عشرات السنين يأمل في التفاته من أولي الأمر ليحض بسرير في أي مكان هو الذي لم يعرف طعم النوم المريح منذ زمان.