يُنتظر أن يعدّ المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي حوصلة مُصغرة عن أوضاع قطاع الصحة، تُضاف إلى الحوصلة العامة، التي تُعدّ، لاحقا، وتُسلّم إلى الحكومة ورئاسة الجمهورية، بعد الإثراء والمصادقة، واعتمادها رسميا. ومقرّر أن يعتمد »الكناس« في حوصلته الصحية أساسا على المداخلات والنقاش الثريّ، الذي دار أول أمس في الندوة الوطنية التي شاركت وأسهمت فيها كل أطراف القطاع. فتح المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي نقاشا واسعا حول قطاع الصحة في الجزائر، عبر ندوة وطنية بادر بتنظيمها أول أمس، أشرك فيها ممثلي كافة الأطراف الرسمية المعنية، ومختلف الشركاء الاجتماعيين، من النقابات الوطنية التي تنشط بالقطاع، وقد أسهم الجميع بالإثراء والنقاش، وتقديم مداخلات، وعُروض حال حول مختلف جوانب القطاع. وحسب الدكتور الياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، فإن هذه الندوة، التي دارت أشغالها في غياب الصحافة الوطنية، قد طُرحت فيها جملة من المحاور، سمحت للحاضرين بمناقشة وتدارس جميع الجوانب، بدء بالأوضاع السائدة داخل الهياكل الصحية، وعمال القطاع، وصولا عند نظام التعاقد، وقانون الصحة، والخارطة الصحية، والأدوية. وشهدت جلسات الندوة تدخّلات كل الفاعلين في القطاع من نقابات وجمعيات، وقدمت إليها جملة من الاقتراحات المكتوبة، ومقرر أن تكون هذه النقاشات والمداخلات، وكافة العروض المقدمة كأرضية أساسية للحوصلة التي ستعرض للنقاش والمصادقة عليها، قبل عرضها على الحكومة ورئاسة الجمهورية. ووفق المجريات التي سارت فيها نقاشات وعروض ومداخلات الندوة، فإن مسألة تسيير الهياكل الصحية، ومستوى الخدمات المقدم فيها عموما، مع الظروف المهنية والاجتماعية لعمال القطاع، كانت لها حصة الأسد في ما جرى بالندوة. ومن بين القضايا الجوهرية التي أثير حولها نقاش واسع، الكيفيات التي بموجبها يتمّ تحسين المنظومة الصحية، توزيع الموارد البشرية، الموارد المالية، التكوين المبدئي والمتواصل للعمال، التأهيل ومواكبة التطور الحاصل في عالم الطب، مسايرة المستجدات التي تعمل على ترقية الصحة في البلاد، توفير كافة الاحتياجات الصحية، وضع الميكانيزمات اللازمة للتسيير الراشد للقطاع، وتجسيد المكانة التي يحتلها كل من القطاع العمومي للصحة والقطاع الخاص. وفي هذا الخصوص ألحّ جميع المشاركين في الندوة على منح العناية والرعاية التامة للقطاع العمومي، وأن تكون له السيادة، وأن يكون القطاع الخاص قطاعا مكمّلا. وفيما يخص ممارسي الصحة العمومية قال الدكتور الياس مرابط، أنهم شاركوا في النقاش الدائر عن طريق ممثليهم، وأن المجلس الوطني للنقابة سيجتمع يوم 4 نوفمبر الداخل، وسيتولى بالدراسة والبحث لائحة المطالب المهنية الاجتماعية، على ضوء نتائج اجتماع الأحد الماضي، المنعقد مع وزير الصحة الدكتور جمال ولد عباس نفسه. وسيتضمن جدول أعمال اجتماع المجلس الوطني عدة نقاط، أوّلها مثلما قال الدكتور مرابط مدى الاستجابة المسجلة للمطالب المهنية الاجتماعية المرفوعة منذ سنتين، من قبل ممارسي الصحة العمومية. وحسب محدثنا، فإن رسالة خطية سُلّمت للوزير، وهو بدوره أعطى ضمانات على مواصلة الحوار، وتوفير كل أسباب نجاحه، ووعد بالتوصّل إلى الحلول المرضية، وهذا ما فرمل خيارات الاحتجاجات والإضرابات التي كانت سائدة لفترات طويلة، وهذا الموقف هو نفسه عند نقابة الأخصائيين التي يرأسها الدكتور محمد يوسفي، وأيضا عند نقابتي أساتذة العلوم الطبية، والأساتذة المساعدين، وما بقي خارج هذا الإطار سوى عمال السلك شبه الطبي، الذين يستعدون لخوض إضراب وطني متجدد، لمدة ثلاثة أيام كل أسبوع، بداية من يوم 8 نوفمبر المقبل.