أشار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطابه بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة إلى تنامي الجريمة المنظمة التي بدأت تأخذ أبعادا خطيرة في الجزائر، من شأنها عرقلة جهود التنمية وإلحاق الأضرار بالاقتصاد الوطني. اعترف رئيس الجمهورية لدى إشرافه أمس الأول بمقر المحكمة العليا على مراسيم افتتاح السنة القضائية الجديدة، بالتنامي الواسع للفساد والجريمة المنظمة التي أخذت أبعادا وصفها بالخطيرة، مشيرا إلى الإجراءات التي اتخذتها الجزائر من أجل إعطاء فعالية أكثر لعمل السلطة القضائية في محاربة الآفات الاجتماعية وخاصة الإجرام المنظم والفساد بكل أنواعه ومنها قرار إنشاء هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ودعمها بديوان مركزي لمحاربة الفساد، فضلا عن إنشاء وتنصيب أقطاب قضائية ذات اختصاص إقليمي واسع لمتابعة ومحاكمة مرتكبي الجريمة المنظمة. واكتفى بوتفليقة في خطاب لم تتجاوز مدته 10 دقائق بالإشارة إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تقرر إنشاؤها بموجب قانون مكافحة الفساد والوقاية منه سنة 2006، وكذا المرصد الوطني لمكافحة الفساد كهيئة استشارية تقرر إنشاؤها في التعديلات الأخيرة التي أدخلتها الحكومة على قانون مكافحة الفساد دون أن ترى الهيئتين النور إلى اليوم، ولم يقدم بوتفليقة في كلمته أمام إطارات الدولة وأعضاء الطاقم الحكومي والفاعلين في سلك القضاة، آجالا لتنصيب الهيئتين، وعكس ما كان منتظرا تحاشى القاضي الأول في البلاد الخوض في فضائح الفساد التي هزّت أكثر من قطاع، لا سيما تلك التي اهتزت لها مطلع السنة الجارية سوناطراك. وفي سياق موصول باستعراض جهود الحكومة في إصلاح قطاع العدالة كواحدة من أهم ورشات الإصلاح التي أطلقها الرئيس بوتفليقة بعد اعتلائه كرسي الرئاسة، تطرق القاضي الأول للبلاد إلى التدابير المتخذة لمنح صلاحيات واسعة للسلطة القضائية في الإدارة والإشراف والمراقبة لضباط الشرطة القضائية وأعوانها أثناء مباشرتهم مهام الضبط القضائي بهدف المساهمة في إرساء الأمن والاستقرار ومحاربة الجريمة بكل أنواعها، في ظل حماية الحريات والحقوق واحترام قرينة البراءة المنصوص عليها في الدستور. ومثلما ذهب إليه الرئيس بوتفليقة في كلمته فإن الهدف الأول للإصلاحات ومراجعة المنظومة القانونية هو تكييفها مع التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها البلاد وكذا ملاءمتها مع التزامات الجزائر الدولية، وكذا العمل على إرساء السلم الاجتماعي وضمان ممارسة كل مواطن لحقوقه الأساسية، مبرزا الاهتمام الكبير الذي أولته الجزائر للقاضي باعتباره محور حركية النهوض بالعدالة لتمارس دورها في حماية الحقوق والحريات وتهذيب الحياة العامة بما يضفي مصداقية على مؤسسات الدولة. كما تطرق إلى مشروع قانون المحاماة الذي ما يزال حبيس أدراج الحكومة ينتظر الإحالة على مجلس الوزراء ثم البرلمان، كما عرّج بوتفليقة على الإصلاحات التي عرفتها السجون عبر إقامة نظام حبس عصري وفقا للمعايير الدولية وبما يتماشى مع ما صادقت عليه الجزائر من معاهدات واتفاقيات. ومن وجهة نظر بوتفليقة فإن ما تحقق من نتائج إصلاح العدالة الذي هو حلقة في سلسلة أدوات محاربة الآفات الاجتماعية ومظاهرها في المجتمع، كان بحاجة إلى دعم هذا المسعى بإطلاق مشاريع تنموية كبيرة في جميع الميادين من أجل القضاء على جيوب الهشاشة باعتبارها أسبابا ومنافذ لاستشراء الرذيلة وتنامي الجريمة في المجتمع، فبناء دولة القانون وترسيخ أسسها مثلما يؤكد القاضي الأول للبلاد لا يقتصر على إقامة سلطة قضائية وسن تشريعات راقية تترصد المخالفين بالردع والعقاب بل يتعدى إلى اضطلاع مختلف السلطات والهيئات العمومية بدورها في السهر على تفعيل القوانين المؤطرة للحياة العامة التي تدخل ضمن صلاحياتها لحمل الجميع على الخضوع للقانون في كل الظروف كما يتعدى إلى تحمل مسؤوليتها أيضا في عصرنة الخدمات العمومية وتحديثها لتقديمها بشكل مرض للمواطنين. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أشرف بالمناسبة على تخرج الدفعة ال18 للطلبة القضاة، حملت إسم المرحوم قصول عبد القادر، وتتكون الدفعة من 294 طالب من بينهم 140 امرأة و5 قضاة عسكريين و 3 قضاة من الجمهورية الصحراوية الديمقراطية نجحوا كلهم في امتحان التخرج من بين 311 طالب باشروا دراستهم في سبتمبر 2007.