كلمات جان بيار رافاران عن العلاقات مع الجزائر جاءت ثقيلة الوزن، وهناك أكثر من سبب يدعو إلى الاعتقاد بأننا فعلا أمام تطور مهم في العلاقات الاقتصادية بين الجزائروفرنسا. السبب الأول هو تكليف شخصية فرنسية بملف هذه العلاقة وعدم تركها لوزراء الحكومة الفرنسية، ولم يحدث أن تم تكليف شخصية من خارج الحكومة بملف العلاقة الاقتصادية مع الجزائر، ثم هناك الحديث الواضح عن مشاريع بعينها وعلى رأسها مشروع رونو الذي أثار جدلا كبيرا في السابق، ولدينا أيضا الثقة الكبيرة التي يتحدث بها المسؤولون في الجزائر منذ زيارة وزير العدل الفرنسية السابقة، ووزيرة الخارجية الحالية للجزائر في منتصف شهر أكتوبر الماضي، حينها قال الرئيس بوتفليقة إن العلاقات بين البلدين على أحسن ما يرام، وتبعه مدلسي بأكثر حماسة حين أخبرنا بأن العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة، وأن عهد التوتر قد ولى. فرنسا لم تخسر أبدا مكانتها على الساحة الاقتصادية الجزائرية حتى في أعصب الفترات التي مرت بها، وقد صرح وزير الخارجية أكثر من مرة أن الجزائر لا تربط السياسي بالاقتصادي في علاقتها بفرنسا، ورغم ذلك فإن وزير الصناعة وترقية الاستثمارات محمد بن مرادي يرى أن فرنسا تستحق أكثر من هذا حيث قال أمس "بالنظر إلى العلاقات التي تربطنا و المزايا التقاربية المتاحة في إطار علاقاتنا مع شركائنا الأجانب نرى بأنه من المفروض أن تحظى فرنسا بمكانة أكبر في اقتصادنا". لا بد من البحث عن الأسباب الحقيقية التي تجعل فرنسا تتحدث الآن عن "تهيئة المستقبل من خلال مشاريع صناعية طويلة المدى ورغبة في تحقيق شراكة مربحة تعود بالمنفعة على الطرفين" كما قال رافاران أمس، ففرنسا ظلت تتمنع لسنوات طويلة، واقتصر تواجدها على النشاطات التي تحقق الربح لها وحدها، وليس من السهل تقبل فكرة أن ساركوزي نام وأفاق الصبح وقد اقتنع بأن الجزائر تستحق أن تكون وجهة للاستثمارات الفرنسية. لقد بقينا نتابع مسلسل التوتر مع فرنسا دون أن ندرك تفاصيل ما يجري، ودون مقدمات تم وضع حد لهذا المسلسل وبدأ شهر عسل لا نجد له أي تفسير هو الآخر، ربما ستكون الأجيال اللاحقة محظوظة في الاطلاع على الحقيقة التي لا حظ لنا فيها.