تغلق المؤسسات التربوية أبوابها غدا الخميس إحياء ليوم عاشوراء، وعلى أن تدخل في عطلة الشتاء بداية من بعد غد الجمعة، تستغرق خمسة عشر يوما، فيما تستمر أقسام الدعم في عملها، خاصة منها أقسام البكالوريا، وشهادة التعليم المتوسط ، وامتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، وتأتي هذه العطلة في غمرة حراك تربوي، خلقته وزارة التربية على المستويات الولائية المحلية والجهوية والوطنية، وأشركت فيه كافة مكونات الأسرة التربوية. تشرعُ المؤسسات التربوية بداية من صباح يوم الجمعة في عطلة الشتاء، التي ستتواصل على امتداد 15 يوما، وعلى أن يسبقها نهار غد الخميس، الذي هو الآخر يوم عطلة، إحياء ليوم عاشوراء، فيما تتواصل دروس الدعم الدراسي لأقسام امتحانات البكالوريا، وشهادة التعليم المتوسط، وامتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، سواء التي تمنح للتلاميذ داخل المؤسسات التربوية الرسمية، أو خارجها. وهذه العطلة في رزنامة عطل وزارة التربية الوطنية هي بمثابة الفاصل بين السداسي الأول والسداسي الثاني من السنة الدراسية. وحسب العروض والمداخلات التقريرية التي دارت في الندوات الجهوية وآخر ندوة وطنية، والملتقيات الأخرى التي خلقت حراكا واسعا في القطاع، فإن دروس المقرّرات السنوية لمراحل التعليم الثلاث: الابتدائي، المتوسط والثانوي قد سارت في الأشهر المُنقضية بشكل عادي وطبيعي، بحيث أن الأغلبية الساحقة من المؤسسات التربوية بلغت العتبة التي حدّدتها وزارة التربية الوطنية، مع بداية السنة الدراسية، وحتى المؤسسات القليلة التي سجلت بعض التأخير عما هو مقرر رسميا، كان لها الوقت الكافي لتدارك الدروس المتأخرة، وفي واقع الأمر فإن ما ساعد على تحقيق هذا الرّيثم المُوحد للدروس الممنوحة للتلاميذ، في المراحل التعليمية الثلاث، هو غياب التوقّفات الدراسية، الناجمة عن الحركات الاحتجاجية والإضرابات، مثلما كان الحال عليه خصوصا سنتي 2003 و2009 ، بحيث في غياب الاحتجاجات والإضرابات تواصلت الدروس في عمومها، وفق ما أقرّته وزارة التربية الوطنية بصورة عادية، والفضل في ذلك يعود إلى حرص الوصاية والحرص المماثل، الذي أظهرته مديريات التربية في تطبيق التعليمات الموجهة إليها، وإلى الاستعدادات الكبيرة لدى الأساتذة والمعلمين، الناجمة عن روح التفاؤل والأمل، التي مسّت هذه الشرائح، بفعل الزيادات الأخيرة، التي أقرّتها وزارة التربية الوطنية بناء على إرادة حكومية، وهي مثلما قال عنها بعضهم زيادات معتبرة، ولم يحدث لهم أن تلقوا مثيلا لها في تاريخ للتربية الوطنية. ولعل ما زاد من انفراج الوضع، و ساعد على تسريح حالات الانسداد التي كانت حاصلة بين وزارة التربية الوطنية، ونقابات التربية المستقلة النشطة بالقطاع، هو جولات الحوار والنقاش الصريحة، التي أدارها وزير التربية الوطنية ومساعدوه في الأشهر الأخيرة مع هذه النقابات لاسيما ما تعلق منها بموضوع القانون الأساسي الخاص بالتربية الوطنية، ونظام التعويضات. ورغم أن للنقابات حتى الآن بعض التحفظات بشأن المجرى الذي سارت فيه بعض المطالب الأخرى المرفوعة، إلا أن عمال القطاع عموما مقتنعين مع أنفسهم أن وزارة التربية وقفت إلى جانبهم، ومكّنتهم من تحقيق جزء معتبر مما كانوا يأملون في تحقيقه، وهذا في رأي العديد منهم هو السرّ في الهدوء العادي والطبيعي الذي تعيشه الساحة التربوية منذ بداية السنة الدراسية الجارية، وهو العامل الحاسم في المعدل النسبي الذي حققهُ تقدّم الدروس حتى الآن. ومن دون أن نفرط في ما تحقق لنقابات التربية ، يُمكن القول أن هذه الأخيرة حققت دفعة واحدة أكثر من 70 بالمائة من مطالبها المهنية الاجتماعية الكبرى، المتعارف عليها، والتي هي محصورة تحديدا في المطالبة بإصدار قانون أساسي خاص بالتربية الوطنية، رفع الأجر الشهري، وتخفيض سنّ التقاعد إلى 25 سنة من الخدمة الفعلية بالقطاع.