الناشطان السويديان المتضامنان مع القضية الصحراوية يحطان الرحال بوهران    المغرب: وقفة احتجاجية في مواجهة قمع المخزن واستهداف الحريات    البحث عن بداية إفريقية مثالية    "السي أس سي" في تونس دون بلحوسيني وبن ميصابيح    وسيلة حساسة لا بدَّ من حسن استعمالها    ضبط كمية من المهلوسات في عمليتين    26 عملا في "سيني تيفاست"    رئيس الجمهورية : الأمن الغذائي رهان استراتيجي    الكيان الإرهابي يعلن الحرب على أطفال غزّة    ارتفاع الحصيلة إلى 44235 شهيدا    منتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات بالبرتغال : الجزائر تطرد مجرمة الحرب الصهيونية تسيبي ليفني    الفترة المكية.. دروس وعبر    شنقريحة يلتقي وزير الدفاع الكويتي    مشروع خط بشار غارا جبيلات يتقدّم..    العدوان الصهيوني على لبنان: الأمم المتحدة تجدد دعوتها لوقف إطلاق نار دائم وفوري لإنهاء خسارة الأرواح والدمار    وزير الصحة يشرف على اختتام أشغال الملتقى الدولي الثامن للجمعية الجزائرية للصيدلة الاستشفائية وصيدلة الأورام    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    حوادث الطرقات: وفاة 5 أشخاص وإصابة 66 آخرين بالجزائر العاصمة خلال شهر أكتوبر المنصرم    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي محمد بوزينة    رابطة الأبطال الإفريقية: تعادل ثمين لمولودية الجزائر أمام تي بي مازمبي في لوبومباشي (0-0)    السيد سعداوي يترأس ندوة وطنية عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد    الجزائر قامت بقفزة نوعية في مجال تطوير مشاريع السكك الحديدية    الفروسية : كأس الاتحادية للمسابقة الوطنية للقفز على الحواجز من 28 إلى 30 نوفمبر بتيبازة    جائزة الشيخ عبد الكريم دالي: افتتاح الطبعة الرابعة تكريما للفنان الراحل نور الدين سعودي    إطلاق الإكتتاب لشراء أسهم أول شركة ناشئة ببورصة الجزائر في الفاتح ديسمبر    رقمنة القطاع التربوي: التأكيد على "الانجازات الملموسة" التي حققتها الجزائر    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم الاحتفال بالذكرى ال50 لتأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين    حوادث الطرقات: وفاة 34 شخصا وإصابة 1384 آخرين بجروح الأسبوع الماضي    الدور الجهوي الغربي الأخير لكأس الجزائر لكرة القدم: جمعية وهران -اتحاد بلعباس في الواجهة    شركة جزائرية تبتكر سوار أمان إلكتروني لمرافقة الحجاج والمعتمرين    اختتام زيارة التميز التكنولوجي في الصين    عطّاف يستقبل عزيزي    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    توقيف مُشعوذ إلكتروني    الشرطة توعّي من أخطار الغاز    هيئة بوغالي تتضامن مع العراق    المنظومة القضائية محصّنة بثقة الشعب    رسميا.. رفع المنحة الدراسية لطلبة العلوم الطبية    دروس الدعم "تجارة" تستنزف جيوب العائلات    الرئيس تبون رفع سقف الطموحات عاليا لصالح المواطن    آفاق واعدة للتعاون الاقتصادي وشراكة استراتيجية فريدة قاريا    الجزائر تدعو إلى فرض عقوبات رادعة من قبل مجلس الأمن    اتفاقيات بالجملة دعما لحاملي المشاريع    استذكار أميرة الطرب العربي وردة الجزائرية    التجريدي تخصّصي والألوان عشقي    العميد يتحدى "الكاف" في اختبار كبير    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي : مشروع "غزة، من المسافة صفر" يفتك ثلاث جوائز    اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة: تنديد بانتهاكات المغرب ضد المرأة الصحراوية ودعوة لتطبيق الشرعية الدولية    "تسيير الارشيف في قطاع الصحة والتحول الرقمي" محور أشغال ملتقى بالعاصمة    الوادي: انتقاء عشرة أعمال للمشاركة في المسابقة الوطنية الجامعية للتنشيط على الركح    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصوّر أنه ابنك
نشر في صوت الأحرار يوم 17 - 12 - 2010

كان يقود سيارته بسرعة غير عادية في شوارع الحي، وطبيعي أنه يدرك إمكانية خروج صبي صغير فجأة ليقطع الطريق، أو حتى رجل كبير في عجلة من أمره أو غفلة عن مخاطر السيارات وجنون بعض سائقيها.. أوقفه أحد السكان، ولحسن الحظ فقد توقف.. لفت انتباهه إلى خطورة ما يفعل وإمكانية إصابته لطفل أو اصطدامه بمركبة أخرى.. قال ببساطة: شركة التأمين ستتحمل التكاليف.
القصة واقعية وقد سمعتها ممن شاهدها ومع ذلك أتمنى أن لا يكون بيننا وفينا هذا النوع من المستهترين بأرواحهم وأرواح غيرهم.. أولئك الذين ركبوا السيارات من الباب الخطأ عندما تصورا أن السرعة الظاهرة في عدّاد السيارة هي ما ينبغي أن تسير عليه في كل زمان ومكان، وأولئك الذين فهموا من التأمين على السيارة، من جميع المخاطر، أنه صكّ براءة دنيوية وأخروية من كافة الآثام والخطايا والحماقات التي ترتكب في الطرقات بسبب الغرور والسرعة والتفاهة والسطحية في تقدير المواقف واحترام حياة وأمن الآخرين.
رجل من عامة الناس، لا يحسن القراءة والكتابة تقريبا.. جمعني به مجلس مؤخرا، ووصل الحديث بنا إلى حوادث المرور والمجازر التي تشهدها الطرقات وأولئك القتلة الذين يقفون وراء عجلات القيادة بكامل أزيائهم وزينتهم دون خوف أو وجل.. قال الرجل إنه يمارس قيادة السيارات منذ خمسة وثلاثين عاما ولم يقتل ولو قطةّ في الطريق لحد الآن والحمد لله.. تحدث بلهجة عامية لكنها عميقة.. قال إن الذين اخترعوا السيارة وصمموها علماء يفقهون ما يفعلون، وإن الذين وضعوا قوانين المرور، وإشارات الوقوف والانتباه وتحديد السرعة وغيرها، خبراء يملكون حسّا عاليا في الوقاية والأمن والسلامة والحفاظ على الأرواح والممتلكات وحتى الحجر والشجر.. ثم أردف قائلا: المشكلة في أولئك الذين يقودون السيارات بلا وعي ولا فهم ولا دين ولا حياء ولا تقدير للآخرين وإحساس بإنسانيتهم وحقهم في الأمان والحياة والخروج إلى الأسواق والطرقات والأماكن العامة.
كلام كثير وقصص عديدة ومواقف مثيرة يمكن أن تتداعى ونحن نقرأ بعض تصريحات وزير التضامن الوطني والأسرة سعيد بركات وهو يتحدث عن تلك الإحصائية التراجيدية.. أكثر من ألف ومائتي طفل لقوا حتفهم جرّاء حوادث المرور خلال خمس سنوات، أي بمعدل مائتين وأربعين طفل سنويا، وفي المقابل تعرّض أزيد من خمسة عشر ألفا وخمسمائة طفل لجروح متفاوتة خلال الحوادث المسجلة في الفترة ذاتها.
الوزارة الوصية أطلقت، مشكورة، جهازا جديدا للوقاية من حوادث المرور أمام المدارس أثناء دخول وخروج التلاميذ خاصة تلك المؤسسات التربوية التي تقع قرب الطرقات العامرة بحركة كثيفة للمركبات من مختلف الأنواع والأشكال.. الجهاز مُكلف بتسخير أعوان مهمتهم التدخل لتمرير التلاميذ أمام المؤسسات خلال رحلتي الذهاب والإياب، ويحمل هؤلاء الأعوان لوحة بإشارة قف لتنبيه السائقين حتى يتوقفوا إلى غاية قطع الأطفال الطريق بسلام، إضافة إلى جهاز منبه بإشارات ضوئية يُستعمل في تنبيه المركبات إلى ضرورة التوقف.
العملية انطلقت في العاصمة لتشمل في مرحلتها الأولى عشرين بلدية بها مائتين وخمسين نقطة مرورية سوداء بالنسبة لتلاميذ المدارس، ويقوم بالمهمة خمسمائة عون بمعدل عونين أمام كل مدرسة، وقد استفاد الجميع من تكوين أوّلي من قبل الحماية المدنية ووزارة التربية الوطنية يؤهلهم للتعامل مع الحركة المرورية والتصرف بما يلزم عند حالات الحوادث والإصابات. وهذه المبادرة الإيجابية ستعمم على كامل التراب الوطني وستستفيد منها المدارس المتاخمة للطرقات المعروفة بكثافة حركة المرور، ولا شك أن نفعها سيعم وتأثيرها على تقليص أعداد الحوادث في صفوف التلاميذ سيظهر بجلاء ووضوح، وستزيد من مساحات الاطمئنان والراحة النفسية لدى الأولياء فضلا عن التلاميذ أنفسهم، ولا شك أن خيرها سيصل إلى مستويات التحصيل الدراسي فيرفع من المعدلات بعد أن يزيد الانتباه ويزول الشرود والذهول الذي يخلّفه رعب قطع الطرقات وأبواق السيارات على التلاميذ الأبرياء الطيبين.
كل ما سبق من ذلك الجديد هو مفيد دون شك وأملنا أن تعم الفكرة جميع مناطق البلاد، وأكثر من ذلك أن تنتشر ثقافة العمل التطوعي في هذا الشأن كما هو الحال في دول أخرى، لأن الجهات الرسمية لن تستطيع تغطية جميع المؤسسات هكذا ببساطة وفي أسرع وقت ممكن، أما العمل الطوعي فإنه يسد العجز ويغطي النقص إذا انتشر بين الناس وتوغل في حياتهم اليومية وصاروا ينظرون إليه كما ينظرون إلى بقية الأعمال الضرورية التي يؤدونها يوميا ليكسبوا منها القوت ويؤمّنوا بها الملبس والمسكن.
ومع العمل الرسمي والطوعي ما أحوجنا إلى حملات ذكية تتعامل مع النفوس وتتحدث إليها بما يؤثر إيجابا عليها ويغيّر من قناعاتها السلبية حول الطريق والآخرين، فتطرد الأنانية المفرطة وتتعامل مع مستعملي الطريق من الراجلين بما تحب أن تُعامل به. ما أحوجنا إلى نشر ثقافة الذوق العام في الطرقات والشوارع وتعليم السائقين ذلك البرود الإيجابي الذي يجعل طرقاتنا مع مرور الأيام أكثر أمنا، ويُذهب من تفكير تلاميذنا وأوليائهم شيء اسمه الخوف من الطريق والسيارات. حملات طويلة الأمد لنشر الوعي والإحساس والأخلاق الفاضلة، ولعل أنسب شعار لها هو: تصوّر أنه ابنك.. نعم عندما يتصور كل سائق أن أطفال المدرسة في مقام أبنائه أو إخوانه أو جيرانه.. سوف تهون عليه تلك المصالح التي يوهم نفسه أن السرعة من أجلها، وسوف يتروّى ويتمهل لأن أغلى ما في دنيانا هو تلك البراءة التي ترتسم على وجوه الأطفال.
قاعدة قانونية: استعمل ما هو ملك لك بطريقة لا تؤدي إلى إنزال الأذى بملكية الآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.