قال الدكتور محمد خوجة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر والخبير في الشؤون الأمنية، إن الرؤية الأمريكية في منطقة الساحل تقترب من الرؤية الجزائرية، حيث أن البلدين يتفقان مع المقاربة الرافضة لأي تدخل عسكري مباشر في المنطقة، والذي قد يفتح الباب أمام بؤر توتر جديدة. أكد الدكتور خوجة خلال نزوله، أمس، ضيفا على مركز »الشعب« للدراسات الإستراتيجية، والذي حضره عبد الرحمان بلعياط عضو المكتب السياسي بحزب جبهة التحرير الوطني، أنه بات من الضروري أن تحتك دول الضفة الجنوبية بجيوش الآخرين، وبالخصوص الجيش الأمريكي، بهدف الاستفادة من تجاربهم وإدراك التحولات الحاصلة في الشأن العسكري، سيما فيما يتعلق بحل مشكلات أمنية مشتركة. وبعد أن أشار إلى وجود تحوّلات عميقة في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية، ألح على ضرورة إدراك هذه التحولات والتكيّف معها، مؤكدا أن الرؤية الأمريكية للوضع في منطقة الساحل تقترب من الرؤية الجزائرية، حيث أن البلدين يتفقان مع المقاربة الرافضة لأي تدخل عسكري مباشر في المنطقة، والذي قد يفتح الباب أمام بؤر توتر جديدة. من جهة أخرى، تطرق الدكتور خوجة في محاضرة له حول »التحول في الشؤون العسكرية الأمريكية خلال العشرية الأخيرة«، إلى أهمية تتبع مسارات هذا التحول، سيما وأن الجيش الأمريكي هو الوحيد الذي يتمتع بميزانية ضخمة، معتبرا بأنه يؤثر على حلفائه داخل نطاق الحلف الأطلسي، كما أكد من جهة أخرى أن القرار السياسي يبنى على وقائع مادية وهي القدرة العسكرية لأن أي رئيس لا يملك هذه القدرة لا يمكن له أن يفرض قراراته على الآخرين. ورغم اعترافه بوجود هيمنة عسكرية أمريكية، حيث أشار إلى وجود 130 دولة تقدم تسهيلات للجيش الأمريكي، إلا أن ضيف مركز »الشعب« يرى بأن العالم اليوم بصدد إعادة النظر في سياسات »الثورة« العسكرية، قائلا »سوف نشهد انهيار الكثير من المسلمات والأساسيات فيما يتعلق بالجانب العسكري« وذلك بسبب ما أسماه بغزو »الكمبيوتر« أو المعلومة، مستشهدا بما سخره الجيش الأمريكي في حرب الخليج الثانية حيث شارك 20 ألف شخص. وفي سياق ذي صلة، تحدث الخبير الأمني عن ملامح التغيير التي ستعرفها المؤسسات العسكرية، قائلا »أن التغيير الذي سيطال المؤسسات العسكرية سيمس ركيزتين أساسيتين، وهما التنظيم والعقيدة العسكرية لأن التاريخ العسكري لا يشمل فقط المعارك، وإنما يتعدى إلى تنظيم هذه المؤسسة«، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة من خلال غزوها العراق أرادت تحقيق غاية أساسية وهي تجريب كل المفاهيم التي مارستها في حروبها السابقة. وفي تدخله، أكد عبد الرحمان بلعياط، أن الحرب الباردة لم تنته تماما، معتبرا أن أسسها لازالت قائمة وتتعامل بها روسيا والصين، قائلا »إن هناك حدا أدنى غير مفضوح وفق التوازن في الترسانة العسكرية«، كما أشار المتحدث إلى أن القوة الاقتصادية والتفوق التكنولوجي لا يساوي شيئا أمام القرارات السياسية.