كشف إلياس بوكراع، مدير عام المركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب، أن جهات معينة تعمل على عزل الجزائر لكي لا تكون عضوا فاعلا في منطقة الساحل، لأنه ينظر إليها بعين الارتياب، كونها تعرقل المخططات الإستعمارية الجديدة، التي يسيل لعابها للتمركز والسيطرة على مناطق الثروات التي تزخر بها دول الساحل. دعا إلياس بوكراع في محاضرة له حول الإرهاب، إلى أن تجعل دول الساحل، بما فيها الجزائر، في صدارة أولوياتها الإستراتجية الرهان الأمني، مؤكدا أنه في محور تواجد ما أسماهم بالجهاديين في منطقة الساحل، تتمركز الثروة والأطماع الأجنبية، وقال أنه كلما كانت الحكومات في منطقة دول الساحل ضعيفة، لا يمكنها التغلب وإماطة خطر الإرهاب، حتى وإن استفادت من مساعدة أكبر القوى في العالم، على اعتبار أنها لا تستطيع التفاوض من موقع قوة. وقدر الخبير الجزائري، أن الوضع في هذه المنطقة جد صعب، بسبب مغالطة دفع الفدية، التي تطورت كثيرا، بالإضافة إلى أن دول هذه المنطقة ليس لها الإرادة السياسية لمكافحة الإرهاب، أو لإقامة تحالفات في هذا المجال مع بعضها البعض، وهذا ما يفتح باب التخوف على مصراعيه، من بروز أي تدخل أجنبي، ووقف على إستراتجية الجزائر في مكافحة الإرهاب، والتي تناضل من اجل منع الفدية، حيث قال إنها في حلولها الآنية، ترتكز على القضاء عسكريا على الجماعات الإرهابية، والجريمة، الأمر الذي يتطلب حسبه جهودا وإرادة سياسية كبيرة ومحسوسة من طرف جميع الدول. ويرى إلياس بوكراع، مدير المركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب، في عرضه حول مكافحة الإرهاب، ترابطا مع تدني المستوى المعيشي للسكان في دول الساحل، الذي بدأ يصل في بعض البلدان الإفريقية إلى عتبة الخطر، وتأسف لكون جميع حكومات المنطقة والمتكونة من سبع دول والمتمثلة في الجزائر والنيجر والصومال وموريتانيا مالي تشاد، والسودان، ليس لها مواقف ورؤى موحدة ومتطابقة حول تهديدات الإرهاب، ووقف على الخلافات في هذا الملف، متسائلا عن أسباب وجود النقص الفادح في سياسات الحكومات للوقوف بحزم وجدية في وجه التهديدات الإرهابية لمنطقة الساحل، موضحا أنها تعود إلى أسباب مختلفة، يتصدرها اختلاف المصالح داخل البلدان، ووصفها بالمصالح المادية والسياسية. وشدد على ضرورة أن تتبنى كل دولة تنتمي لمنطقة الساحل في أولوياتها، رهانا أمنيا، وذكر أن آليات الدول في مكافحة الإرهاب، يجب أن تتركز على الأمن ورجال الجيش وقطاع العدالة، وأن تتحرك نحو مواجهة التهديدات الإرهابية. ولمح الخبير بوكراع، إلى وجود فراغ في منطقة الساحل، ناجم عن ضعف دول هذه المنطقة، ما أفقدها السيطرة عليها خاصة من الجانب الأمني، مما أدى وشجع انتشار جريمة تهريب المخدرات وفتح المجال الواسع للجريمة المنظمة، كي تستفحل، ولم يخف الأستاذ أن السموم البيضاء مصدرها من المغرب وبلدان أمريكا اللاتينية، وتحولت بذلك منطقة الساحل إلى منطقة عبور لشبكات التهريب الإجرامية، والتي تعرف تنظيما جيدا، وحدد الطريق المركزي للتهريب بمحور موريطانيا والنيجر وتشاد ودارفور، واعترف أن تأمين كل بضاعة ممنوعة تتم عن طريق استعمال القوة العسكرية من طرف الإرهابيين المسلحين، أو بسبب دراية ومعرفة بعض الأشخاص لمعابر وطرقات تلك المناطق الصعبة والوعرة. وأكد أن نحو50 طن من الهروين يهرب سنويا من دول أمريكا اللاتينية نحو دول الساحل إلى جانب جرائم تهريب البشر والمتاجرة بهم، تبلغ قيمتها 100 مليون أورو إلى جانب انتشار الهجرة غير الشرعية وتجارة الأسلحة والتهديدات الإرهابية، التي كما أشار يتزعمها من أسماهم بمحور الجهاديين من أفغانستان إلى الصومال، وخلص إلى القول في هذا المقام أن منطقة الساحل مسجلة في هذا المحور الجهادي، وذكر انه في مكان تواجد هؤلاء الجهاديين تتواجد الثروة. ويرى أن أزمة دارفور والتكالب على السودان لتقسيمه، تعد سناريو مكرر، حيث استغل فيه كما قال، المشاكل الداخلية لهذه الدولة وضعفها، وحولت إلى اختبار حقيقي. وحذر بوكراع من خطر آخر، يتمثل في ما يزعم بأنه تنظيم القاعدة لدول المغرب الإسلامي، حيث توقع أن يجلب هذا التنظيم عنفا آخر، أكثر حدة مع تنظيم القاعدة. وتوقع الباحث الجزائري، انه عندما تصبح المافيا تراقب الثروة وحكومات الدول، لا تقتصر هنا الجرائم في شقها الاقتصادي، بل تتعداها إلى السياسي، وهنا فقط يتضاعف الخطر بشكل كبير، وأكبر خطر ممّا يزعم بأنه تنظيم القاعدة في منطقة المغرب الإسلامي. وتطرق إلى وجود بعض دول منطقة الساحل تحت مظلات دول أخرى، وتتبنى في إستراتجيتها هذا الرواق، بعيدا عن التعاون فيما بينها ضمن المصالح المشتركة، وذكر باهتمام وتواجد النفوذ الفرنسي والأمريكي والصيني والهندي بمنطقة الساحل. وقدر دول الساحل بسبع دول، وقال إنها تتمثل في شمال السينغال وصحراء الجزائر ووسط التشاد ووسط السودان والنيجر وموريتانيا وبوركينافاصو، والمالي، ومن خلال تشريحه للمشاكل التي تتخبط فيها، والتي سهلت من استفحال الجريمة ونشاط الجماعات الإرهابية، أشار إلى شساعة مساحة هذه المنطقة، ورغم ذلك قال أنه يقطن فيها 11 ساكن في المتر المربع، وأعطى مثالا بالمالي والتي نصف منطقتها الشمالية خالية من السكان، أما النيجر ¾ من مساحتها خاوية وغير آهلة بالسكان، يضاف إليها قال الدكتور، المشاكل الجيوسياسية الداخلة، الناتجة عن مشكل الحدود إلى جانب ضعف مراقبة هذه الدول لحدودها وصحرائها، إلى حد قال، انه يصعب على بعضها في فرض قانونها وسيطرتها على هذه المنطقة. وحتى بالنسبة للجزائر، اعترف أنها تراقب العاصمة والولايات الكبرى والمناطق التي تتمركز فيها الثروات، أما بعض الصحاري توجد خارج المراقبة الدقيقة واعتبر هذا الأمر بالمشكل الكبير. ومن بين المشاكل التي غذت الإرهاب حسب الخبير في منطقة الساحل، المشاكل الإثنية، حيث كشف عن وجود ما لا يقل عن المئات من المجموعات الإثنية في منطقة الساحل، إلى جانب اختلاف اللغة والديانة، فبوركينافاصو وحدها، توجد بها نحو 68 مجموعة إثنية و52 بالمائة من سكانها فقط يدينون بالإسلام، أما المالي 80 بالمائة من السكان يدينون بالإسلام، أما في التشاد، الإسلام ينتشر وسط سكان الشمال والمسيحية وسط سكان الجنوب، وأكد أن هذه الاختلافات في اللغة، حيث توجد عدة لغات في دولة واحدة، وأحيانا لا يتكلم باللغة الرسمية للدولة، رشحت لأن يخلق عدة مجتمعات.