المتصفح لإنجازات وتحركات المعارضة في الجزائر خلال السنة التي تشارف على نهايتها، يقف عند رصيد باهت لا يختلف كثيرا عن أرصدة المفلسين، لأن التشكيلات السياسية التي تدعي تمثيل التيار المعارض لا تزال تصر على أدوار المعارضة الصورية التي تكتفي بالمواقف الاستعراضية دون المرور إلى مرحلة الاقتراح والمبادرات البديلة. سنة أخرى تشرف على نهايتها والتشكيلات السياسية التي تصنف نفسها في تيار المعارضة ما تزال تصر على المعارضة الصورية بعيدا عن الطرح البناء والمبادرات البديلة، فيكاد حضورها في المشهد السياسي الوطني ينحصر في صفحات الجرائد أو بعض الاستعراضات المناسباتية على غرار ما حدث خلال عرض بيان السياسة العامة للحكومة ومشروع قانون المالية للسنة المقبلة. مناقشة بيان السياسة العامة في المجلس الشعبي الوطني كان فرصة استغلها نواب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية للدخول في مواجهة استعراضية معلنة وصريحة مع الوزير الأول بتقزيم كل جهود الحكومة، والأسوأ هو محاولة حصر النقاش حول منطقة بعينها هي منطقة القبائل وتقديمها على أنها خارج نطاق اهتمامات الدولة، وتقديم صورة قاتمة عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني في ولايات منطقة القبائل وكأنها ليست جزءا من الجزائر التي تحدث عنها الوزير الأول، وهو ما دفع هذا الأخير خلال رده على انشغالات النواب إلى مهاجمتهم بالعيار الثقيل واتهامهم بشكل مباشر وصريح بالسعي إلى اتخاذ سكان منطقة القبائل رهينة لطموحاتهم السياسية. وراح أويحيى في مواجهاته على المعارضة الممثلة في البرلمان، يستعرض بالأرقام المشاريع المسطرة لولايتي بجاية وتيزي وزو في المخطط الخماسي الحالي، مشددا على أن الولايتين جزء لا يتجزأ من الجزائر، وعاد بهم إلى إضراب المحافظ الذي دعا إليه حزب الدكتور سعيد سعدي سنة 1994 عندما جر سكان المنطقة إلى إضراب عن الدراسة لمدة موسم كامل، في عز الأزمة الأمنية التي كانت تمرّ بها البلاد، وأضاف الوزير الأول أنه لا يستغرب أن يخطئ نواب الأرسيدي في معرفة الجزائر فقد سبق وأثبتوا أنهم لا يعرفون الشعب الجزائري. مشروع قانون المالية للسنة الداخلة الذي عرض على نواب البرلمان أياما قليلة بعد عرض بيان السياسة العامة، كان فرصة مناسبة لم يفوتها ممثلو الأحزاب التي تصنف نفسها في تيار المعارضة للعودة إلى ساحة المواجهة مع الحكومة، ولعل اللافت للانتباه والذي يجعل رصيد التشكيلات السياسية التي تدعي أنها تحمل بدائل عن النظام القائم، يكاد يكون مفلسا هو عدم تقديم نواب الأرسيدي في المجلس الشعبي الوطني أي مشروع تعديل لمشروع قانون المالية الذي قدمته الحكومة وهو ما يقود إلى القول إن ما أقدموا عليه من مداخلات نارية طيلة أيام لا يعدو أن يكون جعجعة دون طحين.