باشرت محكمة الجنايات الخاصة بباريس أمس إجراءات النظر في قضية مجموعة تتشكل من ثمانية أشخاص، من بينهم جزائري وآخر فرنسي من أصول جزائرية، بتهمة التورّط في تمويل خلايات تنظيم »القاعدة« في الخارج وكذا التحضير للقيام بتفجيرات إرهابية داخل فرنسا. وزيادة على ذلك يُواجه هؤلاء تهمة أخرى تتعلق بصلتهم بجماعة »أنصار الفتح« التي تصفها مصالح الأمن في فرنسا ب »الإرهابية«. كشفت تقارير قضائية أن وقائع هذه القضية تعود إلى 2005 عندما تمكنت مصالح الأمن الفرنسية من تفكيك الشبكة التي اشتبهت في تورط عناصرها في عمليات السطو المسلح بهدف تمويل خلايا المقاومة في العراق، وتوقعت المصادر أن تستمر المحاكمة شهرا كاملا بالنظر إلى أن تقارير المصالح المتخصصة في مكافحة الإرهاب أشارت إلى صلات بين الجماعات المتشدّدة مع مجموعات الجريمة المنظمة والجريمة العادية. ونقلت وكالة »رويترز« عن مصادر قضائية تأكيدها أن المجموعة تتشكل من فرنسيين اثنين، وفرنسي من أصول جزائرية إضافة إلى جزائري وأربعة تونسيين، وأفاد الإدعاء بأن هذه الشبكة تكوّنت بعد اتصالات بين أفرادها عندما كانوا قيد الاعتقال، وأضاف أن قادتها كانوا على اتصال أيضا مع خلايا تنظيم »القاعدة« في الخارج. ويُعتبر المتهم الفرانكو-جزائري المدعو »واسيني شريفي«، 36 عاما، المسؤول الرئيسي على نشاط الشبكة، حيث أوضحت التقارير بأنه قام بتجنيد العناصر الموقوفة بمجرّد خروجه من السجن أين كان يقضي عقوبته الأولى، وبموجب ذلك وجه القضاء الفرنسي تهمة تورّط هؤلاء في تمويل خلايا المقاومة في العراق، ووفقا لبيانات قضاة التحقيق فإنه لم يكن مستبعدا إمكانية وقوع هجمات إرهابية داخل فرنسا بناء على الاتصالات التي تمّ جمعها فقي كل من الجزائر وسوريا وحتى تركيا. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد لأن الإدعاء أكد وجود رابطة بين الجماعة الموقوفة وجماعة »أنصار الفتح« التي يقول الأمن الفرنسي بأنها تحصل بدورها على تمويل من شبكات تنشط في الدعارة، وأوضحت أن »واسيني شريفي« التقى مسؤول هذه الجماعة عندما كان في السجن بين 2000 و2004، وهو المسمى »صافي بورعدة« البالغ من العمر 38 عاما حيث كان محكوما عليه ب 10 سنوات سجنا على خلفية تورطه في هجمات في فرنسا. وبحسب السجل القضائي فإن الجزائري »محمد بن يمينة« الذي حوكم في باريس بصفته مسؤولا آخر في تنظيم »أنصار الفتح«، اعترف في مقابلة بالجزائر بأن المجموعة كانت وضعت ضمن أهدافها تفجير مطار »أورلي« بباريس و»ميترو« العاصمة الفرنسية وكذا مقر الاستخبارات الداخلية اعتمادا على الأموال التي جمعها المتهم »شريفي« من نشاطاته، وأشار إلى أن المجموعة كان تُبعد الشبهة عنها عبر فتح محلات هاتفية ومتاجر منها فتح محل لخدمات الانترنت ومطعم وسط العاصمة باريس كان يستعمل، وفق لائحة الاتهام، مقرا للالتقاء بين أفراد المجموعة. وقد انتهى التحقيق في القضية بعد الهجوم الفاشل الذي استهدف مبنى لإيداع الأموال تابع لشركة »سيكوريتاس« في 7 أكتوبر 2005 بضواحي »بيوفي«، ولم تنجح العملية بالنظر إلى أن المتفجرات التي تمّ استخدامها لم تخلّف خسائر كبيرة تسمح لمنفذيها بدخول المبنى، وقد أظهر التسجيل لكاميرات المراقبة فيما بعد ثلاثة أشخاص من بينهم المتهم »واسيني شريفي« الذي نفى قطعا هذا الاتهام الموجّه إليه، فيما أسفرت عملية البحث الواسعة التي قامت بها مصالح الأمن في مربع تابع للمجموعة الشرطة عن اكتشاف مخزون من 19 رزم من الديناميت وبندقيتين وعدد من المسدسات إلى جانب أجهزة اللاسلكي، مع سترة من الدرك وصفائح تابعة الشرطة. ويتزامن فتح هذا الملف في وقت لا تستبعد فيه الحكومة الفرنسية احتمالات وقوع هجمات إرهابية، حيث سبق وأن أحدثت البلاغات الكاذبة حالة هلع عارمة كان أبرزها إخلاء برج »إيفل« بباريس على مرتين، وكانت مصالح الأمن اعتقلت عشرات المشتبه فيهم بالانتماء إلى جماعات متشددة خلال السنوات الأخيرة.