هدّد رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، بإجراء تعديلات جوهرية على النظام الداخلي للغرفة السفلى للبرلمان تقضي باتخاذ تدابير انضباطية ضد النواب الذي لا يُداومون على حضور الجلسات، وذلك على خلفية عدم اكتمال النصاب القانوني للتصويت على مشروع قانون يتعلّق بتسوية الميزانية لسنة 2008، وقد انتقد زياري بشدّة نواب الأغلبية الذي ينتمون إلى أحزاب التحالف لمخالفتهم تعليمات القيادة. تطلّبت المُصادقة على الوثيقة النهائية التي تتضمن مشروع قانون تسوية ميزانية 2008، عقد جلسة ثانية بالمجلس الشعبي الوطني بسبب عدم اكتمال النصاب المطلوب في مثل هذه الحالات، حيث لم يحضر سوى 123 نائب في جلسة الخميس في حين كان الأمر يستوجب تصويت )195+1( نائب بموجب النظام الداخلي للمجلس، ولم يجد عبد العزيز زياري أي خيار سوى تأجيل الجلسة بست ساعات. وعلى هذا الأساس لم يُفوّت رئيس المجلس الشعبي الوطني الفرصة لتوجيه رسالة تحذير إلى جميع النواب، حيث اتهمهم ضمنيا ب »عدم الانضباط« في التعامل مع مهمة التشريع، وهي الرسالة التي بدت واضحة في كلام زياري الذي جاء فيه: »أوجّه نداء إلى كافة الكتل البرلمانية، وخصوصا كتل الأغلبية، وأقصد هنا كتل التحالف،، بأن يكونوا أكثر انضباطا.. لأن هناك مسؤولية هامة وحضورهم ضروري«. ولم يستبعد عبد العزيز زياري إمكانية الذهاب نحو إقرار تعديلات جديدة على النظام الداخلي للمجلس، حيث قال في هذا الشأن: »مُمكن أن نُقدّم تعديلات ونتخذ إجراءات في المستقبل بخصوص هذه القضية«. وليست هذه المرة الأولى التي يغيب فيها النواب عن جلسات البرلمان، فعادة ما يكون عدد الوزراء يفوق من فوّضهم الشعب لتمثيله والدفاع عنه خاصة في جلسات الأسئلة الشفوية التي يُعدّ فيها هؤلاء النواب بالأصابع، وهناك من لا يحضر أصلا إلى مبنى »زيعوت يوسف«. وبالعودة إلى مضمون المادة 58 من النظام الداخلي للغرفة السفلى للبرلمان فإنها تنصّ على أنه »تصحّ مناقشات المجلس الشّعبيّ الوطنيّّ مهما يكن عدد النوّاب الحاضرين«، لكن »لا يصحّ التّصويت بالمجلس الشّعبيّ الوطنيّّ إلا بحضور أغلبيّة النّوّاب في حالة عدم توفّر النّصاب تعقد جلسة ثانية بعد ست 6 ساعات على الأقلّ واثنتي عشرة ساعة على الأكثر، ويكون التّصويت حينئذ صحيحا مهما يكن عدد النّوّاب الحاضرين«، وتُشير كذلك إلى أنه »تتمّ مراقبة النّصاب قانونا قبل كلّ عمليّة تصويت لا يُمكن أن تكون إلاّ مراقبة واحدة للنّصاب في الجلسة الواحدة«. وبموجب ذلك أسفرت الجلسة الثانية التي عقدت بعد الزوال عن التصويت على أول قانون لضبط الميزانية منذ 27 سنة في خطوة فتحت المجال أمام السلطة التشريعية لمراقبة المالية العمومية، وأوصت لجنة الميزانية إلى غلق الصناديق الخاصة التي لا تؤدي دورها، وقد حاز هذا النص على ثقة غالبية أعضاء المجلس باستثناء نواب حزب العمال والجبهة الوطنية الجزائرية الذين امتنعوا عن التصويت. إلى ذلك قال وزير العلاقات مع البرلمان، محمود خذري، إن »تصويت المجلس على هذا النص خطوة هامة في سبيل تكريس رقابة السلطة التشريعية على صرف الميزانية العامة خاصة وأن القانون أعيد بعثه بعد 27 سنة من التعطيل«، فيما أورد زياري أن »عرض وتبني نص قانون ضبط الميزانية يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للمؤسسة التشريعية كونه يأتي استجابة لمطلب رفعه النواب منذ أكثر من عشر سنوات«. وقدمت لجنة المالية والميزانية بالمناسبة عددا من التوصيات في تقريرها النهائي بغرض تصحيح بعض الثغرات، وطالبت بقفل الصناديق الخاصة التي تستغل الموارد المالية التي تتوفر عليها أو تلك التي لا تتوفر على برامج واضحة ومحددة بدقة من قبل الأمرين بالصرف والصناديق التي لم تصدر نصوصها التنظيمية. وضمّنت لجنة تقريرها ملاحظات تقضي بضرورة تعزيز الرقابة على المالية العمومية، وشدّدت على أهمية إعادة النظر في تحديد السنة المالية المعنية بقانون تسوية الميزانية من ن-3 إلى ن-2، بمعنى أن تقديم القانون الخاص بسنة 2010 مثلا في 2012 أي بعد سنتين مت اعتماده، كما طالبت بتفعيل تقارير مجلس المحاسبة وجعلها أداة لتحريك الدعاوى القضائية العمومية ومباشرة المتابعة القضائية ولذلك للحيلولة دون تفاقم عمليات الاختلاس التي تتحول في بعض الأحيان إلى فضائح مالية.