بغض النظر عن المنع الذي تعرضت له المسيرة التي دعا إليها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، أمس، بالعاصمة، والتي كانت مقررة من ساحة أول ماي إلى غاية مقر البرلمان، إلا أن الملاحظ لتطور الأحداث، يمكنه أن يستشف جملة من المعطيات المتعلقة بهذا الحزب الذي ظل يحتكر الحديث باسم ما يسمى »القطب الديمقراطي«، وفي مقدمتها وزن الأرسيدي في طبيعة ونوعية مناضليه وأيضا خطابه السياسي؟. ظهر جليا أمس، أن زعيم الأرسيدي سعيد سعدي، كان يسعى من وراء الدعوة إلى مسيرة في العاصمة، وفي هذا التوقيت بالذات، إلى خلق مناخ دعائي لحزبه يعوضه عن النكسات السياسية المتتالية، فعلى الصعيد الداخلي ظهرت نواياه واضحة للاستثمار في الاضطراب الذي شهده الشارع العاصمي، أمس، جراء الخطة الاحترازية التي اتخذتها مصالح الأمن تحسبا لأي انزلاق، حيث طوقت المنافذ الرئيسية والشوارع المحورية المحيطة بوسط العاصمة. أما على الصعيد الخارجي، فكان تركيز سعدي، منصبا على مراسلي الصحف والقنوات التليفزيونية الدولية، في محاولة للترويج لقرار المنع المعروف لدى العام والخاص. ولعل بقاء سعيد سعدي وإطارات حزبه متحصنين داخل مبنى الحزب بشارع ديدوش مراد، يفسر إلى حد كبير أهداف قيادة الحزب من الدعوة إلى المسيرة، وبحسب مراقبين فقد استفاد الأرسيدي وقياداته من منع المسيرة من قبل مصالح الأمن، لكون عدد الحضور الذين لبوا دعوة الأرسيدي كان ضئيلا جدا لا يتجاوز في أحسن الأحوال 300 مناضل، وهو ما يشكل ضربة تنظيمية وسياسية قوية للتجمع الذي يصر على أنه قاطرة القطب الديمقراطي في الجزائر. والواقع أن الأرسيدي كإطار هيكلي وتنظيمي، لم يبق منه إلا الاسم وأيضا رئيسه سعيد سعدي، حيث أشارت مصادر مطلعة ل»صوت الأحرار«، أن الوضعية النظامية للتجمع تكاد تكون مشلولة، فالمكاتب الولائية والبلدية، تعاني من اختلالات ناجمة عن عدم تجديدها منذ سنوات، وإقبال المواطنين على الانضمام إلى الحزب منعدم تمام، أما على مستوى الهياكل القيادية، فقد تحول المكتب الوطني إلى مجرد سكرتارية ذات مهام تقنية بعد أن استولى رئيس الحزب الدكتور سعيد سعدي على صلاحيات المكتب، وصادر صلاحيات المجلس الوطني، حسب ما صرح به العديد من الإطارات القيادية التي اضطرت إلى مغادرة الحزب، حيث شهد الأرسيدي نزيفا حادا في إطاراته التاريخية خلال ال10 سنوات الماضية، ابتداء من استقالة خليدة تومي وعمارة بن يونس وصولا إلى استقالة جمال فرج الله وعديد الإطارات. أما على صعيد التجنيد في الشارع، فكل المعطيات تشير إلى أن حزب سعدي ليس بإمكانه تجنيد شرائح واسعة من المجتمع، فماعدا شلة من الطلبة المنحدرين من رقعة جغرافية معينة، لن بجد الأريسدي من يلتف حوله، ولعل الجميع يتذكر الهلع الذي أصاب قيادته بعد ظهور حركة العروش وسيطرتها على الشارع وأظهرت قوة على التجنيد والتأطير في معقل الحزب.