التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في نيويورك في أول محادثات علنية بينهما شملت سبل "إحياء عملية السلام" في الشرق الأوسط. وجاء في بيان للرئاسة المصرية أن السيسي شدد على أهمية استئناف مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل التوصل إلى حل عادل وشامل. التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمرة الأولى علنا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الاثنين في نيويورك، في خطوة تعكس رغبة مصر في العودة إلى مقدمة الساحة الدبلوماسية في الشرق الأوسط. وبحث السيسي ونتانياهو على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية المعطلة منذ 2014. في ختام هذا اللقاء العلني غير المسبوق مع نتانياهو، أكد السيسي على "الأهمية التي توليها مصر لمساعي استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي" من أجل التوصل إلى "حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفقا لحل الدولتين والمرجعيات الدولية ذات الصلة"، كما جاء في بيان للرئاسة المصرية. وأفاد البيان أن الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي بحثا سبل استئناف عملية السلام المتوقفة منذ العام 2014 وإقامة دولة فلسطينية و"توفير الضمانات اللازمة" لنجاح عملية التسوية بين الجانبين. وأضاف البيان أن السيسي شدد على أهمية التوصل إلى "تسوية نهائية وعادلة للقضية الفلسطينية" من أجل "توفير واقع جديد في الشرق الأوسط تنعم فيه جميع شعوب المنطقة بالاستقرار والأمن والتنمية". وأعرب نتانياهو من جهته عن "تقديره لدور مصر الهام في الشرق الأوسط وجهودها في مكافحة الإرهاب وإرساء دعائم الاستقرار والسلام في المنطقة"، بحسب البيان. ويأتي هذا اللقاء في نيويورك في سياق تطور مهم آخر في الشرق الأوسط مع المحادثات الهاتفية التي جرت الاثنين بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في أول تواصل بينهما منذ نحو عام. وأصبح هذا التقارب ممكنا بين الطرفين بشكل خاص إثر وساطة من القاهرة التي زارها هنية الأسبوع الماضي. وجاء ذلك بعدما أعلنت حركة حماس الأحد حل اللجنة الإدارية التي شكلتها والتي كانت تدير شؤون قطاع غزة، ودعت حكومة رئيس الوزراء رامي الحمدالله للمجيء إلى قطاع غزة لممارسة مهامها، ووافقت على إجراء انتخابات عامة. وشهدت زيارة هنية إلى مصر لبحث المصالحة الفلسطينية من جانب آخر تطورا ملحوظا في موقف القاهرة حيال حركة حماس بعد فترة طويلة من الفتور، نتجت خصوصا عن اتهام حماس بدعم جماعة الإخوان المسلمين التي صنفت "منظمة إرهابية" في مصر منذ الإطاحة في صيف 2013 بالرئيس الإسلامي محمد مرسي. وفي نيويورك، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين أن اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين هو أمر "ممكن"، مؤكدا أن إدارته ستبذل ما في وسعها للتوصل إليه. وأصبحت مصر محاورا أساسيا للأمريكيين في المنطقة منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض في مطلع 2017. وكانت العلاقات بين البلدين الحليفين شهدت فتورا بعد عزل الرئيس محمد مرسي في 2013 والقمع الذي مارسته السلطات إثر ذلك. وقام مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنير الذي يقود الجهود الأمريكية لاستئناف عملية السلام، بزيارة أخرى إلى المنطقة في نهاية آب/أغسطس. لكن القادة الفلسطينيين لا يخفون استياءهم من سلوك إدارة ترامب التي امتنعت حتى الآن عن إعلان دعمها حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام جنبا إلى جنب مع إسرائيل. وقال نبيل شعث، كبير مستشاري الرئيس محمود عباس، الاثنين إنه سيكون من "السخيف تماما" إذا لم يلتزم الرئيس الأمريكي بحل الدولتين. وسيلتقي ترامب عباس الأربعاء قبل أن يلقي الرئيس الفلسطيني الموجود في نيويورك حاليا، خطابا في اليوم نفسه أمام قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ورحب وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي تساحي هانيغبي الموجود أيضا في نيويورك باللقاء بين نتانياهو والسيسي. وقال هانيغبي المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن "العلاقات بين البلدين تتعزز باستمرار منذ سنتين، لكن المفاجأة حصلت بحكم أنه، وخلافا للماضي، وافق الرئيس المصري على أن تخرج هذه العلاقات إلى العلن". وأضاف "نأمل في أن تاخذ اللقاءات المقبلة طابعا روتينيا". وردا على سؤال حول عدم ظهور العلم الإسرائيلي في الصور وأشرطة الفيديو حول اللقاء التي نشرها المكتب الإعلامي الحكومي الإسرائيلي، قلل هانيغبي من أهمية هذا الأمر. وقال الوزير الإسرائيلي "اللقاء حصل في الفندق الذي ينزل فيه الوفد المصري، ومن الواضح أنه لم يكن فيه مخزون من الأعلام الأجنبية". وجهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين متوقفة بالكامل منذ فشل المبادرة الأمريكية حول هذا الموضوع في نيسان/أبريل 2014. ويشكك كثيرون في إمكانية استئناف محادثات جدية بين الجانبين حاليا، إذ تعد الحكومة التي يتزعمها حاليا بنيامين نتانياهو الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل وتضم مؤيدين للاستيطان، دعوا بشكل علني إلى إلغاء فكرة قيام دولة فلسطينية.