رافع البروفيسور جويلي محمد، المختص في علم الاجتماع، من أجل دولة تونسية قائمة على مبدأ احترام السلطات وحريات المواطنين وإرادتهم. وفي محاولة لتشريح الثورة التونسية، اعتبر المحلل ما حدث في تونس »ثورة حقيقية ذات ميزة فردانية« جاءت لتعبر عن تطلعات شعب بأكمله، وبالمقابل استبعد أن تكون هناك مكانة للإسلاميين في الحكومة الجديدة، حيث قال إن »الشعب التونسي حقق مكاسب كثيرة لن يتراجع عنها، على غرار تحرر المرأة وفصل الدين عن الدولة وغيرها من مظاهر العصرنة«. أكد البروفيسور التونسي جويلي، خلال اللقاء الذي نظمه، أمس، مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية، بفندق الجزائر، أن الثورة التونسية لها خصوصيات جعلتها مميزة عن باقي الثورات الماضية، حيث أوضح أنها لم تكن تحمل أي مضمون إيديولوجي ولم تحركها أي جهة سياسية، بل كانت عفوية وفردانية انطلقت شرارتها من مواطن بسيط شعر بالحقرة والإهانة، وهذا لا ينفي وجود تراكمات أرهقت كاهل المواطن التونسي. وفي سياق متصل، أوضح جويلي، أن ما حدث هو مؤشر لانفصال الفرد عن الأسر وعن ما يسمى بالضمانات التقليدية، فالثورة التونسية هي خلاصة مشاريع ذاتية مأزومة وغير متحققة، وبالتالي فقد أصبحنا أمام أفراد يصنعون التاريخ ويغيرون مجراه، كما أن هذه الثورة وعلى الرغم من واقعيتها إلا أنها كانت افتراضية، باعتبار أن الفايس بوك وغيرها من وسائل الاتصال عبر الانترنت ساندتها وساهمت في نقل المعلومات وفتح نقاش غير مسبوق على صفحات النات. وفي تشريحه للثورة التونسية، لم يغفل المحلل، شعارات هذه الثورة التي حملها الشباب على غرار »اللعبة انتهت«، و»ارحل بن علي«، وهي مصطلحات سيتم العمل بها في الألعاب الالكترونية أو في مباريات كرة القدم، إلى درجة أن المصريين أنفسهم حملوا هذه الشعارات، وهذا ما أعطى للثورة الجانب اللعبي دون أي قصد لتمييع معناها أو مضمونها. ويرى المحل السوسيولوجي أن قوة المجتمع قد تجاوزت كل القوى، فعندما نجد أن حادثة حرق البوعزيزي لنفسه قد وصفها مفتي الديار التونسية بالانتحار وبأنه يدخل النار، ونجد أن الغنوشي رئيس حركة النهضة يقول سامحه الله، فيما يهتف الشعب التونسي ويعتبره شهيدا، وهنا نجد أن إرادة المجتمع ورؤيته للأشياء تغلّبت على كل المعتقدات بما فيها التصورات الدينية. وعن مستقبل تونس، أكد جويلي، أن هناك رهانات حقيقية في انتظار الشعب، وفي مقدمتها التخلص من الإرث الأبوي في علاقة الشعب مع السلطة، والتخلص من ثقافة الولاء والرشوة والمحسوبية والجهوية، بالإضافة إلى طبيعة النظام السياسي الذي سيتم تبنيه، حيث اقترح عدة سيناريوهات مثل النظام البرلماني، فيما لم يستبعد المحلل السوسيولوجي الذهاب نحو نظام رئاسي تحترم فيه كل السلطات بدل النظام الرئاسوي الذي كرسه الرئيس السابق بن علي. وفي حديثه عن التيار الإسلامي بتوسن، قال المحلل »إن الحركات الإسلامية التونسية لها خصوصياتها وهي مختلفة كلية عن نظيراتها في باقي الدول ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن تشكل تهديدا إرهابيا بتونس، فهم يقولون، إننا نريد دكان من الدكاكين لممارسة السياسية، والدليل أنهم لم يبدوا أي نية في الترشح للاستحقاقات القادمة، كما أنهم لم يشاركوا في الحكومة الجديدة، ولا يجب أن ننسى أن الحركة الإسلامية في تونس ليس لها أي مشروع إسلامي يلبي المطالب الاجتماعية، في وقت لا يمكن فيه لتونس أن تتراجع عن المكاسب التي حققتها لصالح هذه الفئة، مثل تحرر المرأة وفصل الدين عن الدولة، فنحن نرفض أن تكون المساجد منابر للدعاية السياسية«.