ودّعت الجزائر أحد رموز الثورة التحريرية المضفرة، المجاهد الفذ والمناضل الشهم الرائد لخضر بورقعة أو "عمي لخضر"، كما يسميه جيل اليوم، ففي جو جنائزي مهيب ورغم ما فرضته إجراءات الحجر الصحي بسبب تداعيات فيروس كورونا، إلا أن المئات أبوا إلا أن يرافقوا الفقيد إلى مثواه الأخير، أين ووري الثرى الخميس المنصرم بمقبرة سيدي يحيى بالعاصمة. وكان الفقيد الذي توفي مساء يوم الأربعاء الماضي عن عمر ناهز ال 87 سنة، بسبب مضاعفات إصابته بفيروس كوفيد 19، قد مكث بالمستشفى نحو 15 يوما، لتلقي العلاج، غير أن الأقدار شاءت أن يرحل عنّا "عمي لخضر" في شهر الثورة، وهو الرجل الذي نذر حياته من أجل هذا الوطن، فكان مجاهدا فذا ومناضلا وطنيا ومدافعا شرسا عن القضايا العربية والإسلامية. رحل بورقعة تاركا خلفه مواقفا سيذكرها التاريخ، وهو صاحب التاريخ النّضالي الذي بدأ قبل وأثناء الثورة التحريرية، وسجل التاريخ أن المنطقة التي كان يقودها "الولاية الرابعة التاريخية"، كبّدت فرنسا أكبر خسائرها خلال الثورة التحريرية، لقد عاش الفقيد بسيطا بعيدا عن جميع الإغراءات، وكان دائما يوصي الشباب خيرا بهذه البلاد التي أحبّها حتى النخاع، فنال محبة واحترام الجميع، سيما وانه كان مدافعا شرسا عن قناعاته وهو الذي كان من أبرز وجوه الحراك الشعبي.. وقد ولد المجاهد لخضر بورقعة يوم 15 مارس 1933 بالعمارية بولاية المدية ونشأ في أسرة محافظة قدمت قوافل من الشهداء منهم أخوه الشهيد رابح بورقعة، وقد انضم الفقيد إلى حزب الشعب في سن جد مبكرة ثم إلى حركة انتصار الحريات الديمقراطية، كما ساهم في بث خلايا الحركة الوطنية وتوعية الشعب بالمنطقة الرابعة عشية اندلاع الثورة رفقة العقيد سي الطيب جغلالي وسويداني بوجمعة وديدوش مراد. و التحق الفقيد بصفوف جيش التحرير الوطني عام 1956، بنواحي المدية، ونظرا لمكانته القيادية تقلد عدة مسؤوليات بالولاية الرابعة التاريخية، منها قائدا للكتيبة الزبيرية التي قامت بعدة أعمال بطولية ضد العدو ثم أصبح مسؤولا للناحية الرابعة التاريخية المنطقة الثانية للولاية الرابعة بين سنتي 1959 - 1960 . كما تقلد المرحوم رتبة نقيب ثم رائدا للولاية مسؤول المنطقة الثانية الولاية الرابعة برتبة نقيب، بعدها عضو مجلس الولاية الرابعة تحت قيادة العقيد يوسف الخطيب. وفي سنة 1961، عين عضوا في مجلس قيادة الولاية الرابعة ثم عضوا بالمجلس الوطني للثورة، كما عايش المجاهد المرحوم قادة الثورة منهم سي محمد بوقرة، يوسف الخطيب، ديدوش مراد، العربي بن مهيدي، رابع بيطاط، الجيلالي بونعامة وغيرهم من قادة الثورة التحريرية. للإشارة فإن للمجاهد مؤلف بعنوان "شاهد على اغتيال الثورة" يروي فيه أهم وأبرز محطات حياته ويوميات كفاحه بالولاية الرابعة التاريخية.