رغم الإجراءات والتدابير التي اتخذنها الحكومة عقب احتجاجات الخامس جانفي المنصرم والقاضية بتسقيف أسعار المواد الغذائية الأساسية، إلا أن درجة الغليان الاجتماعي أخذت في الاتساع لتمس قطاعات لها علاقة مباشرة بالشغل والسكن، في حين ترفع أطراف أخرى مطالب سياسية بعضها استجيب لها في مجلس الوزراء الأخير والبعض الآخر يرتقب الإعلان عنه قبل نهاية الشهر الجاري حسب مصادر حزبية. تسارعت الأحداث على مستوى الجبهة الاجتماعية في الآونة الأخيرة، حيث تعالت الحركات الاحتجاجية المطالبة بإعادة النظر في آليات وصيغ التشغيل المعتمدة وفي مقدمتها صيغة عقود ما قبل التشغيل، رغم أن مجلس الوزراء الأخير برئاسة رئيس الجمهورية كان قد تطرق إلى هذه النقطة بالذات، حيث أعطى الرئيس تعليماته إلى الحكومة لإعادة النظر في طرق التشغيل والبحث عن الصيغ الملائمة التي من شأنها ضمان استقرار مناصب العمل، أما بخصوص السكن فقد ازدادت عملية الاستيلاء على السكنات من قبل المواطنين ووجدت مصالح الأمن نفسها في مواجهة مشكل آخر يتعلق بسكنات جاهزة ولم يتم توزيعها منذ سنوات رغم التعليمات التي أصدرها الرئيس بضرورة إيجاد حل للسكنات الشاغرة وتوزيعها في أقرب الآجال وفق الإجراءات المعمول بها. وحسب المراقبين فإن تصاعد حمى الاحتجاجات كما هو الحال بالنسبة للطلبة الرافضين لنظام »أل أم دي«، وعناصر الحرس البلدي الرافضين للمناصب المقترحة عليهم في إطار عملية التحويل إلى الإدارات العمومية، مرده إلى الجو العام الذي يطبع الحياة السياسية وامتداداتها الاجتماعية. وفي هذا السياق أعلنت مصادر مسؤولة عن حزمة إجراءات هامة سيعلن عنها الرئيس بوتفليقة قبل نهاية الشهر الجاري، ولعل من بين هذه الإجراءات تلك التي تحدث عنها مراد مدلسي والقاضية برفع حالة الطوارئ قريبا بعد أن أمر الرئيس الحكومة بوضع الإجراءات اللازمة، أما أبوجرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم فقد أوضح أن الحكومة بصدد الإعلان عن قرارات هامة، في الوقت الذي تتحدث مصادر إعلامية عن جهات مسؤولة، أن الرئيس بوتفليقة يستعد للإعلان عن خطة إصلاحية خلال مجلس الوزراء المرتقب نهاية الشهر، وتشمل ملفات سياسية ظلت محل طلب النخب السياسية والفاعلين في الحقل الإعلامي والثقافي، ومنها على وجه التحديد رفع التجميد عن اعتماد الأحزاب السياسية وفتح المجال أمام إنشاء صحف جديدة، وفتح الإعلام العمومي وبالأخص التليفزيون أمام الرأي المخالف فضلا عن رفع حالة الطوارئ بشكل نهائي. أما على الصعيد الاجتماعي فإن اللجنة الوطنية للتشغيل المنضوية تحت لواء وزارة العمل فتحضر لرفع اقتراحات عملية وصيغ جديدة للتشغيل من شأنها امتصاص غضب الشباب سيما الحاملين للشهادات الجامعية. وتتوقع مصادر حزبية أن يتخذ الرئيس إجراءات أخرى على شاكلة إجراء تغيير حكومي عميق لدفع الحياة السياسية، على أن تكون مهمة الحكومة المرتقبة تنفيذ برنامج التنمية المعلن عنه وإعطائه الدفع اللازم وكذلك الإشراف على تنفيذ الإصلاحات السياسية المنتظرة. ومن شأن هذه الخطة الإصلاحية المرتقبة أن تسحب أوراقا مهمة من يد المعارضة التي تصر على الاحتكام إلى الشارع ومنها، التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية والقيادي السابق في الحزب المحل علي بلحاج، وسيد احمد غزالي رئيس الجبهة الوطنية الديمقراطية غير المعتمدة.