تراجع منسوب المياه بسدود الغرب، خصوصا تلك الممونّة لوهران إلى مستويات انتحارية، على غرار سدّ قرقار الذي يعاني من عجز في التخزين بحوالي 95 %، إضافة إلى تراجع إنتاج محطّات تحلية مياه البحر بالولاية، الأمر الذي جعل الوهرانيين قاب قوسين أو أدنى من أزمة عطش وشيكة. في أدراج شحّ المغياثية هذا العام وتراجع نسب التساقط، تكاد تحلّ أزمة عطش غير محمودة العواقب على وهران عاصمة الغرب، بعدما عصف شبح الجفاف بالمحاصيل الزراعية، حيث تتخوّف مديرية الريّ من احتمالات سيّئة حول واقع التزوّد بالماء الشروب على مستوى الولاية، وذلك بفعل تراجع مناسيب المياه على مستوى السدود المموّنة وكذا انخفاض الطاقة الإنتاجية لمحطّات التحلية بسبب التعطّلات المتكرّرة، أشغال الصيانة وإنقطاعات الكهرباء. وعلى الرغم من أنّ الشهر الماضي لم يعرف تذبذبات كبيرة على مستوى التوزيع باستثناء إنقطاعات للمياه صنعت مشهد أيّام حليكة على مستوى بعض الأحياء، لا تستبعد الجهات العليمة بشأن المياه، أن تتضاعف الاضطرابات والتذبذبات خلال الأشهر المقبلة، ويعود ذلك إلى العجز في التخزين الذي يعاني منه سدّ قرقار كشريان حيوي. وقد وصل هذا العجز إلى ما لا يقّل عن 95 %، بينما انخفض منسوب المياه إلى مستويات ضئيلة لا تبشّر بالخير، حيث من غير الممكن أن يلبّي أكثر من 190 ألف متر مكعّب يوميا، في حين كان يغطّي في موسم الصيف من السنوات الفارطة حدود 240 ألف متر مكعّب يوميا. وأكّدت مصادر عليمة من مديرية الريّ احتمال تراجع حصّة وهران من السدّ إلى 170 ألف متر مكعّب على اعتبار أنّ كميّة المياه المتواجدة به حاليا لا تتجاوز 18 مليون متر مكعّب. وليس "قرقار" السدّ الوحيد الذي يهدّد بنقص التموين، إذ يعاني من نفس المشكل، سدّ "سيدي العبدلي"، الذي انخفض منسوب المياه به إلى حدود 2 مليون متر مكعّب فقط، وتعاني باقي السدود المدرجة في أجندة الولاية من تراكم الأوحال وتراجع طاقة الاستيعاب. وما زاد الطين بلّة هو انخفاض الطاقة الإنتاجية لمحطّات تحلية مياه البحر بسبب التذبذب في التموين بالكهرباء والإنقطاعات المتكرّرة، حيث لم يعد بالإمكان لمحطّة "كهرما" على سبيل المثال، تأمين ما قدره 70 ألف متر مكعّب يوميا، مثلما ما هو منسوب إلى طاقتها الإنتاجية، بينما كان لعمليات الصيانة المبرمجة والمفاجأة آثارا سلبية على ذلك، خصوصا وأنّ احتياجات الولاية تقدّر في حدود 320 ألف متر مكعّب يوميا بما فيها الاحتياجات الصناعية والفلاحية، ومن المبرمج أن تقوم نفس المحطّة بعمليتي صيانة في شهر سبتمبر وأكتوبر. وبالتّالي ستكون وهران أمام أزمة عطش لا مفرّ منها قد تحدث خللا مزعجا على مستوى التوزيع، وتبقى الأنظار مشدودة نحو المشاريع الضخمة التي ينتظر الوهرانيون دخولها مجال الخدمة بفارغ الصبر مثل مشروع محطّة التحلية بمرسى الحجّاج الذي يؤمّن نحو 500 ألف متر مكعّب يوميا ومشروع محطّة سيدي جلول بعين تموشنت بطاقة إنتاجية قدرها 90 ألف متر مكعّب يوميا والتي من المنتظر أن تشغّل في ديسمبر من السنة الجارية. للإشارة فإنّ لعنة الجفاف حلّت على المحاصيل أيضا بسبب ضآلة التساقط، حيث تراجع إنتاج الشعير والقمح ومختلف الأعلاف إلى أقّل من 50 ألف قنطار بعدما كان في مواسم سابقة يصل يفوق 460 ألف قنطار.