ساهمت الإستراتيجية الجديدة ذات الصلة بالموارد المائية المرتكزة على تحلية مياه البحر بشكل كبير في تحسين عملية تموين سكان الجهة الغربية للبلاد بالمياه الصالحة للشرب حسبما كشفت عنه المديريات الولائية للري بالمنطقة. وأفاد مدير مصلحة بمديرية الري، أن وحدة تحلية مياه البحر التابعة لمركب "«كهرماء» لأرزيو بوهران المنجزة في سنة 2001 بطاقة إنتاج تعادل 70 ألف متر مكعب في اليوم كان لها الأثر الايجابي لتدارك العجز المسجل في مجال الموارد المائية ببعض السدود بالغرب منها سد «قرقار»، وقد مكّن استغلال مياه البحر عن طريق هذه الوحدة بتحقيق توازن في مجال التوزيع بوهران والرفع من الحجم الساعي لعملية التموين، حيث أن 85 بالمائة من السكان بالولاية يتم تزويدهم بالماء الشروب على مدار 24 ساعة و10 بالمائة بمعدل يتراوح ما بين 12 و16 ساعة/يوميا، في حين يتزود 5 بالمائة فقط بمعدل مرة واحدة في كل يومين أو ثلاثة أيام لمدة 8 إلى 16 ساعة، حسب مؤسسة تسيير المياه والتطهير لوهران. تراجع ملحوظ في انتشار الباعة المتجولين للماء بواسطة الصهاريج وقد تجسدت الجهود المبذولة لتعبئة المياه بطرق أخرى أيضا بإنجاز محطات صغيرة لتحلية المياه كما هو الشأن بالنسبة لوحدة "الكثبان الرملية" التي تنتج 3 آلاف متر مكعب/يوميا وتلك المتواجدة ببلدية «بوسفر» بطاقة 4000 متر مكعب وكذا محطة إزالة المواد المعدنية لمنطقة «بريدعة» التي توفر 18 ألف متر مكعب في اليوم. ويبدو أن شبح ندرة المياه قد ولى وأن هاجس الانتظار الطويل لترقب وصول هذه المادة الحيوية إلى الحنفيات قد أصبح في طي النسيان، كما سُجل تراجعا ملحوظا في انتشار الباعة المتجولين للماء بواسطة الصهاريج التي كانت تشكل أحد المشاهد اليومية للأحياء السكينة، حيث أصبح المواطنون يشعرون بالأمان مثلما أوضحه أحد القاطنين بحي «ايسطو» بشرق مدينة وهران، ويقول هذا المواطن "لقد ارتحنا من الكثير من المعاناة، حيث كنا نركض حاملين الدلاء وراء باعة المياه ناهيك عن السهر ليالي طويلة في انتظار عودة الماء إلى الحنفيات، وفيما يخص نوعية المياه الموزعة فقد عبر بعض سكان حي «مولود فرعون» الواقع بوسط عاصمة الغرب الجزائري عن التحسن الملموس للوضعية في هذا المجال، حيث شرعوا ولو تدريجيا في التخلي عن قارورات المياه المعدنية التي طالما أثرت على ميزانيتهم العائلية المحدودة، كما تمكنت مدينة وهران التي عرفت في السابق بمياهها ذات الملوحة المرتفعة من حل هذا الأشكال بفضل الجهود الاستثمارية وإنجاز محطة لإزالة المواد المعدنية ل «بريدعة» التي أضحت تنتج ماء عذبا ذي نوعية جيدة يتم مراقبته باستمرار، حسب أحد إطارات مؤسسة «سيور». وهران.. مجهودات معتبرة لتأمين المدينة في مجال المياه وقد سطرت الدولة بهدف تأمين ولاية وهران في مجال المياه الصالحة للشرب عدة عمليات منها محطة تحلية مياه البحر التي سترى النور بمنطقة "المقطع" ببلدية «مرسى الحجاج» والتي تقدر طاقتها الإنتاجية ب 500 ألف متر مكعب/يوميا، حيث ستمكن من توفير المياه لفائدة ولايات وهران 250 ألف متر مكعب/يوميا وكذا مستغانم وغليزان ومعسكر، وسيتم من جهة أخرى الربط بواسطة مركب مستغانم-أرزيو-وهران أو ما يسمى بمشروع «ماو» بلدات من الجهة الشرقيةلوهران مثل «بلقايد» و«حاسي بن عقبة» و«وادي تليلات»، واستنادا إلى مدير وكالة الحوض الهيدروغرافي "الشط الشرقي والناحية الوهرانية" فقد لوحظ تعبئة أحسن للطبقات المائية الجوفية بالمنطقة منذ الشروع في عمليات تحلية مياه البحر مقارنة بالماضي رغم كميات الأمطار الضعيفة المسجلة خلال السنوات الأخيرة، ويعتبر المسؤول أن أحسن دليل على ذلك ارتفاع عدد رخص حفر الآبار الممنوحة. عين تموشنت..محطة تحلية مياه البحر ل"شط الهلال".. مشروع من شأنه أن يقضي على مشاكل التموين وبدورها ستتمكن ولاية عين تموشنت التي كانت تواجه عجزا يقدر ب 51 بالمائة من تلبية احتياجاتها من الماء الشروب بعد تشغيل خلال شهر ديسمبر الجاري لمحطة تحلية مياه البحر ل"شط الهلال" بدائرة «بني صاف» بطاقة إنتاج تقدر ب 200 ألف متر مكعب في اليوم الواحد، ومنذ دخولها حيز التشغيل الجزئي يوم 10 نوفمبر المنصرم تزود هذه المنشأة سكان عاصمة الولاية بمقدار 20 ألف متر مكعب/يوميا، حسب مدير الفرع الولائي لمؤسسة "الجزائرية للمياه"، ويتوقع أن تزود المحطة مدينتي عين تموشنت و«بني صاف» بكميات تقدر ب 110 آلاف متر مكعب في اليوم على أن تحول الكمية المتبقية لفائدة مدينة وهران، ومن المرتقب أن يحلّ هذا المشروع الضخم بصفة نهائية لمشاكل تموين السكان بالمياه الصالحة للشرب على مستوى المدينتين المذكورتين، وللتذكير فإنه من مجموع الاحتياجات اليومية المقدرة ب 92 ألف متر مكعب/يوميا لا تنتج ولاية عين تموشنت سوى 46800 متر مكعب منها 25 ألف متر مكعب من الموارد السطحية، حيث تستقبل 15000 متر مكعب من المياه انطلاقا من سد «بني بهدل» بتلمسان 10 آلاف أخرى من حوض "تافنة السفلى" الذي يموّن انطلاقا من سد «حمام بوغرارة» الواقع بتراب ولاية تلمسان، ويتراوح الحجم الزمني لتوزيع المياه الصالحة للشرب من يوم إلى أربعة أيام ولمدة ساعتين بالنسبة لعاصمة الولاية ويوم إلى ثمانية أيام ل «بني صاف»، علما أنه قد أصبح سكان عين تموشنت يتزودون حاليا بفضل محطة تحلية المياه المذكورة بمعدل مرة كل يومين، وللإشارة سيعاد توجيه الموارد المائية التي توجه حاليا إلى ولاية عين تموشنت من أجل تحسين الوضعية على مستوى بلديات ودوائر أخرى بالمنطقة. تلمسان..تموين السكان بالمياه على مدار 24 سا ابتداء من 2010 أما فيما يتعلق بولاية تلمسان سيتم تموين السكان على مدار 24 ساعة في اليوم بعد تشغيل ابتداء من السنة القادمة 2010 لمحطتين لتحلية المياه، حيث لا تزال أشغال إنجازهما متواصلة، وقد تم اعتماد خيار تحلية مياه البحر لمواجهة العجز في الماء الشروب الناتج عن ظاهرة الجفاف وهذا حتى يتسنى ضمان توفير هذه المادة الحيوية بشكل دائم وإعادة تحويل مياه السدود إلى قطاع الفلاحة وأخيرا إعادة تموين الطبقات الجوفية التي تعرضت إلى استغلال مفرط، حسب المدير الولائي للري، وتقدر الطاقة الإجمالية للمحطتين الجاري تجسيدهما ب 400 ألف متر مكعب/يوميا، حيث ستدخل المحطة الأولى المتواجدة بمنطقة «تافسوت» بدائرة «هنين» مرحلة الإنتاج في أكتوبر 2010 من أجل تغطية احتياجات سكان 23 بلدية، في حين ستشغل المحطة الثانية الواقعة بسوق «الثلاثة» بدائرة «باب العسة» خلال شهر جوان المقبل لفائدة كافة البلديات الواقعة بالرواق الغربي للولاية من مغنية إلى غاية «ندرومة» مرورا بمرسي «بن مهيدي» والغزوات، وتتراوح نسبة تقدم أشغال إنجاز هاتين المحطتين بين 80 و90 بالمائة في الوقت الذي تسجل الأشغال المرافقة المتعلقة بالخزانات ومحطات الضخ نسبة تقدم تبلغ 40 و85 بالمائة على التوالي، وستسمح المحطتين بتدعيم وبشكل محسوس لعملية التزويد بالمياه الصالحة للشرب بولاية تلمسان التي يتم التوزيع بها حاليا إلى يوم واحد في كل يومين بعدما كان يموّن السكان قبل سنوات خلت مرة كل خمسة عشر يوما على مستوى التجمع الحضري لتلمسان ومرة واحدة في عشرين يوما بالنسبة للرواق الغربي للولاية، وبالفعل كان هذا الرواق الذي يضم تعداد سكاني يقدر ب 400 ألف نسمة يعاني في السابق من نقص فادح من هذه المادة الحيوية، غير أنه سرعان ما تم التكفل به بفضل إنجاز العديد من المشاريع الرامية إلى تعزيز التموين بالمياه الشروب خاصة بالغزوات، حيث تتوفر حاليا على محطتين لتحلية المياه في حيز الخدمة. وتنتج هاتان المنشأتان المنجزتين في إطار البرنامج الاستعجالي 2002/2003 كمية 5 آلاف متر مكعب/يوميا. ويتوقع أن تعرف عملية التزويد بالمياه الصالحة للشرب بولاية تلمسان تحسنا كبيرا سيسمح بوصول الماء بالحنفيات بلا انقطاع إلى غاية عام 2050 وهذا بمجرد تشغيل محطتي تحلية مياه البحر الجديدتين بالإضافة إلى مختلف المشاريع التي تم استلامها خلال السنوات الأخيرة.