ترصّدت زوال أمس قوات الشرطة للمسيرة الوطنية التي نظمها في العاصمة طلبة الجامعات والمدارس العليا عبر الوطن، وأوقفتها أعداد ضخمة منها مُحصنة ل بالهراوات والخوذات والأذرع الواقية، عند مسافة ليست بالبعيدة عن الساحة المحادية لمقر رئاسة الجمهورية، وقد تعرض الطلبة لمواجهات دامية واشتباكات مع قوات الشرطة،الأمر الذي أسفر عن جرح عشرات الطلبة والطالبات بجروح متفاوتة الخطورة، وتوقيف عدد منهم وجرح عدد من أعوان الشرطة. انتهت المسيرة الوطنية التي نظمها طلبة الجامعات والمدارس العليا أمس بالعاصمة عند مسافة ليست بالبعيدة عن الساحة المطلة على مقر رئاسة الجمهورية بالمرادية في العاصمة، وتحديدا بشارع بكين المحادي لثانوية بوعمامة )ديكارت سابقا(، حيث وجدت في طريقها أعداد ضخمة من قوات الشرطة، مدججة بالهراوات والخوذات والأذرع الواقية، وما إن بلغ الطلبة هذه النقطة حتى اكتسحوا كامل المساحة المرئية لهذا الشارع الرئيسي المؤدي إلى مقر رئاسة الجمهورية، وقد ذابت في وسطهم أعداد معتبرة من الأطباء المقيمين الذي كانوا معتصمين بنفس المكان منذ زوال أول أمس، وقد قرروا الاعتصام المتواصل ليل نهار بنفس المكان بداية من زوال أول أمس، وأغلبيتهم فضّلت الابتعاد عن القواعد الأمامية للطلبة، الذين كانوا في قمة الثورة والغضب، التي هي وجها لوجه مع الصفوف الأمامية لقوات الشرطة، وذلك تجنبا للعنف، وقوة الدفع الحاصلة بين الجانبين، ويُضاف إليهم الأعداد المقدرة بالعشرات من أساتذة الجنوب، الذين كانوا هم أيضا معتصمين بمحاذاة الأطباء المقيمين، من أجل تحقيق مطلب منحة الجنوب وانشغالات أخرى. ولأن أعداد الطلبة كانت بالآلاف، فقد طغى وجودهم على أجواء التظاهرة المتعددة الأطراف، وكان اللافت فيها هتافات وشعارات الطلبة المنددة بالوزارة الوصية، وبالسلطات العمومية الأخرى المعنية، وبرحيل النظام وتجريمه. وتابعت »صوت الأحرار« عن قرب كافة مجريات هذا التموقع الطلابي، ومجمل المشادات، وقوة الدفع، والاشتباكات الحاصلة، بهراوات أعوان الشرطة، والحجارة التي كانت تُقذف من هنا وهناك، من قبل المتظاهرين، وبعض المندسين في وسطهم وعلى بعض الجوانب الهامشية، وقد تسبب القمع الذي سُلّط على الطلبة والطالبات في إصابة العشرات منهم بجروح متفاوتة الخطورة، وتمّ تسجيل حالات رعب وفزع وإغماءات كبيرة وسط الطلاب، وقد حرص عدد محدود جدا من أفراد الحماية المدنية على نقل الجرحى من الطلبة وبعض أعوان الأمن الذين أصيبوا بالحجارة وبعض البقايا البلاستيكية وغيرها التي كانت تقذف عليهم من هنا وهناك، وقد تمّ نقل أعداد كبيرة من المصابين، الذين كانوا في حالات خطيرة إلى المستشفيات، وما لاحظته »صوت الأحرار« أن الحماية المدنية كانت حاضرة بأعداد محدودة جدا، ولم يكن يرافقها ميدانيا أطباء متمرسون، وبما يلزم من وسائل وإمكانيات الاستعجالات العلاجية الأولية، الضرورية لمثل هذه المناسبات الصعبة. وما إن حانت الساعة الثانية زوالا وبعض الدقائق حتى تكررت المشادات والمدافعات، بعد أن أُضيفت قوات أخرى لما هو موجود، وانطلقت هذه الأخيرة في هجوم كاسح بالعصي والحواجز الحديدية التي كانت مرصوفة بالمكان المحدد للأطباء والأساتذة المعتصمين على انفراد، وقد اضطر الطلبة في تدافع كبير نحو الخلف بسرعة فائقة، تجنبا لهراوات الشرطة، وعمليات القمع المسلطة عليهم، وقد سقط من جديد عدد معتبر منهم، كانوا إما مجروحين بجروح متفاوتة الخطورة، أو مغمى عليهم من هول التحرك والتدافع الجماعي القوي. ونشير إلى أن قوات الشرطة أوقفت بشكل موازي عددا من الطلبة النشطين، وقادتهم إلى الشاحنات التي كانت متواجدة بعين المكان. ورغم أن »صوت الأحرار« تابعت كل هذه الوقائع من بدايتها حتى نهايتها بعين المكان، إلا أنه من الصعب على أي كان إعطاء التقديرات الحقيقية لمجمل الجرحى، بمن فيهم الذين نُقلوا في حالات خطيرة للمستشفيات، والموقوفين، ولقد حاولنا التقرب من بعض رتباء الأمن للتعرف على الأرقام الحقيقية بدقة، إلا أنهم امتنعوا عن الخوض في أية تفاصيل في هذا الظرف بالذات، ولكنهم في كل الأحوال تأسفوا لما حصل.