منعت أمس قوات الأمن الأطباء المقيمين من الاقتراب من الساحة المحاذية لمقر رئاسة الجمهورية بالمرادية، حيث كان مقررا أن ينظموا اعتصاما وطنيا، يُشارك فيه أطباء الولايات العشر، التي تتواجد بها المستشفيات الجامعية، الأمر الذي حتّم عليهم التّجمع، وهم مُطوقون بحواجز أمنية على حافتي جزء من شارع بكين، المحاذي لثانوية بوعمامة، وفي مكان غير بعيد عنهم حُوصر طلبة المدارس العليا، وقاموا بقطع الشارع أمام حركة المرور. مثلما كان متوقعا وكالعادة المتعارف عليها، لم تسمح أمس قوات الأمن للأطباء المقيمين من بلوغ الساحة المحادية لمقر رئاسة الجمهوري، أين كان مقررا تنظيم اعتصام وطني، يشارك فيه أطباء الولايات العشر، التي تتواجد بها المستشفيات الجامعية الكبرى عبر الوطن، وهو الأمر الذي حتم على المعتصمين التوقف والتجمع بشكل حاشد على جزء من حافتي شارع بكين، المؤدي إلى المرادية، أين يتواجد مقر رئاسة الجمهورية،على مقربة من ثانوية بوعمامة )ديكارت سابقا(. وفي مكان غير بعيد عن تجمع الأطباء المقيمين، تواجد طلبة المدارس العليا، وقد حاصرتهم قوات الشرطة على مستوى شارع عالم عبد الرزاق، المحادي هو الآخر إلى نفس الثانوية، وقد دخلت معهم في اشتباكات ومشادات جسمانية عنيفة، أسفرت حسب مصادر طلابية عن جرح حوالي عشرين طالبا بجروح خفيفة، نُقل منهم ثلاثة إلى المستشفى، فيما تمّ توقيف خمسة طلاب آخرين من قبل قوات الأمن، التي كانت تطوق المكان بأعداد ضخمة، ومع ذلك تمكنت جموع من هؤلاء الطلبة من الإفلات من التطويقات الأمنية للشرطة، والصعود في شكل جماعات متفرقة لغاية مسافة محدودة عن المكان الذي يعتصم فيه الأطباء المقيمون، وهم يردّدون شعارات ناقمة ومنددة بوزارتي الصحة والتعليم العالي والسلطات العمومية المعنية، ويطالبون بقوة بتحقيق مطالبهم المرفوعة، وقد عبّر بعض ممثليهم ل»صوت الأحرار« بعين المكان عن رفضهم المطلق لما أسفرت عنه الندوة الوطنية المنعقدة من أجل هذه المطالب. ورغم أن أعداد الأطباء المقيمين المعتصمين كانت معتبرة، ولم يُمكنوا من الاقتراب من المكان المقرر للاعتصام، إلا أنهم كانوا في قمة التحضر والرزانة والهدوء، وقوات الشرطة تقف جنبا إلى جنب معهم، دونما أن تكون هناك أية حوادث، أو تشنجات تُذكر، وقد قال لي أحد رتباء الأمن، هذه واحدة من نعم العلم التي نجد أنفسنا ملزمين على التعامل معها بنفس الطبيعة والمستوى. لكن على أية حال، هذا لم يمنع الأطباء المقيمين، الذين هم حاليا في إضراب وطني مفتوح، من إطلاق العنان للهتافات والشعارات المعبّرة المنددة بالسلطات العمومية المعنية، وفي مقدمتها طبعا وزارتي الصحة والتعليم العالي وجهات أخرى، واعتبروا في شعاراتهم أن الخدمة المدنية التي هي أمّ مطالبهم المهنية الاجتماعية والبيداغوجية المرفوعة فيها تمييز غير دستوري، وتشتيت لعائلاتهم، وطلاق مُبكر، مثلما جاء في أحد اللافتات المرفوعة، وأكدوا من جديد أنهم على استعداد للعمل في أي مكان بالجزائر، لكن شريطة توفير ظروف ومستلزمات العمل،التي عبّروا عنها بوضوح لأكثر من مرة، وهناك لافتة اعتبرت الخدمة المدنية »حقرة«، والمقابل المادي المدفوع لهم هو مقابل مهين، ولا يحفظ لهم كرامتهم كأطباء. وحسب الدكتور مروان سيد علي، والدكتورة سعاد جاب الله الممثلين للأطباء المقيمين، فإن مصالح رئاسة الجمهورية لم تُمكنهم من تبليغها مطالبهم حتى الآن، رغم أن وفدا عنهم اتصل بها ثلاث مرات قبل هذا الاعتصام وعزفت عن استقبالهم وتسلّم رسالة منهم، كما أنهم مازالوا مصرّين على مقاطعة اللجان الثلاث التي شكلتها وزارة الصحة لصالحهم، التي فيما يرونهُ أنها تجاهلت مطالبهم الأساسية، واقتصرت على الفتات مثلما يقولون. ونشير إلى أن الولايات التي شاركت في هذا الاعتصام هي: عنابة، سطيف، باتنة، قسنطينة، تيزي وزو،العاصمة، البليدة، سيدي بلعباس، تلمسان ووهران. ونشير إلى أن هذا الحدث يتزامن مع اليوم الأول من الإضراب الوطني المفتوح لعمال السلك شبه الطبي، الذي انطلق أمس، وحقق حسب غاشي الوناس، رئيس النقابة المؤطرة لهذا الإضراب استجابة واسعة عبر كامل التراب الوطني، وينتظر أن تدخل معهم وزارة الصحة في حوار، قد يؤدي إلى تخفيف الوطإ على الهياكل الصحية والمرضى على وجه الخصوص، الذين هم بين فكّي كماشة.