أعلن الرئيس السوري بشار الأسد أن قرارا بإلغاء قانون الطوارئ المطبق منذ أكثر من أربعين عاما سيصدر في الأسبوع المقبل، ودعا الحكومة الجديدة في بلاده إلى خطوات إصلاحية، مؤكدا أن سوريا تتعرض ل»مؤامرة«، وذلك وسط اتساع ظاهرة الاحتجاجات الشعبية الحاشدة في أنحاء سوريا مطالبة بالإصلاح السياسي والحرية. وأكد الأسد -لدى ترؤسه أمس اجتماعا للحكومة الجديدة برئاسة عادل سفر بعد أدائها اليمين الدستورية- الشعور بالألم والحزن لكل نقطة دم سالت في سوريا خلال الأحداث الأخيرة، معتبرا أن كل من قتل في هذه الأحداث هو شهيد سواء كان مدنيا أو عسكريا، مشددا في الوقت ذاته على استمرار لجان التحقيق في عملها لتحديد الطرف المسؤول عن العنف الذي شهدته البلاد. وتحدث الرئيس السوري عن قانون للأحزاب، داعيا حكومة سفر لوضع جدول زمني لإخراج هذا القانون إلى حيز الوجود، مؤكدا أن هذا القانون سيؤثر في مستقبل سوريا. كما تحدث عن قانون جديد للانتخابات وآخر للإعلام، داعيا الحكومة للإعلان عن جدول زمني معلن لكل من هذه القوانين، بحيث يتسنى للشعب أن يراقب ويكون مطمئنا لسير العمل بهذه القوانين وقال الأسد في كلمته إن الشعب يريد أن يشعر بإجراءات سريعة، تؤكد تجاوب الحكومة مع مطالبه، معتبرا أنه من غير المنطق أن ينتظر الشعب نتائج عملية الإصلاح السياسي، التي قال إنها تستلزم وقتا طويلا، وأقر في الوقت ذاته بوجود فجوة بين الحكومة والشعب، داعيا للعمل على تضييق هذه الفجوة في أسرع وقت. وتحدث الأسد عن خطوات عملية في سبيل إلغاء قانون الطوارئ الذي وعد به في خطابه أمام مجلس الشعب قبل أسبوعين، مشيرا إلى تشكيل لجنة قانونية أعدت حزمة مقترحات لرفع قانون الطوارئ، مؤكدا أن هذه القوانين ستكون بين أيدي الحكومة خلال الأيام القليلة المقبلة، كما دعا الحكومة إلى تحويل مقترحات اللجنة لتشريعات خلال الأسبوع المقبل كحد أقصى. وعبر الأسد عن قناعته بأن رفع حالة الطوارئ في البلاد من شأنه أن يعزز حالة الأمن في سوريا، وليس العكس كما يتوقع البعض، على حد قوله. غير أن الرئيس السوري أكد أنه بعد إلغاء قانون الطوارئ -الذي يشكل المطلب الأساسي للشعب السوري- لن يكون هناك مبرر للتظاهر، داعيا وزارة الداخلية للتعامل بحزم مع كل من يعبث بأمن البلاد وبالممتلكات العامة. وانتقد الأسد في كلمته أكثر من مرة بعض الظواهر التي تتفشى في المجتمع السوري، والتي قال إنها تشكل عامل تهديد لاستقرار البلاد، ومن هذه الظواهر الرشوة والبطالة والفساد. وفي إطار محاربة الفساد، طالب الأسد الوزراء بكشف أملاكهم قبل تولي المناصب العامة، لتتسنى المحاسبة فيما بعد، ودعا الحكومة لترشيد الإنفاق، والتعامل بشفافية مع الأمور المالية. وفي موضوع انتشار الرشوة دعا للحد من الإجراءات الإدارية اللازمة لإنجاز المعاملات، كما دعا إلى اعتماد طريقة الحكومة الإلكترونية. واقترح أيضا حلولا للبطالة، والاهتمام بقطاع الزراعة والصناعة والاستثمار، والعدالة في الاهتمام وتوزيع الخدمات بين المدن والقرى السورية. كما دعا لتطوير الجهاز القضائي والاهتمام به، وتحدث عن خطر الفساد الذي قال إنه يهدد استقرار أي مجتمع في حال تفشيه. وطالب الحكومة بتوسعة المشاركة في اتخاذ القرار، سواء داخل الوزارة نفسها، أو مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية بهذا القرار. وعلى الصعيد الميداني، خرجت نحو 1000 ناشطة حقوقية بمدينة بانياس أمس، للتأكيد على مطالب الشعب السوري بالحصول على الحرية والديمقراطية. وكانت مظاهرات أول أمس التي شهدتها معظم المحافظات والمدن السورية، قد وصلت للمرة الأولى للعاصمة دمشق، حيث لجأت قوات الأمن لاستخدام الغاز المدمع لمنع آلاف المتظاهرين من الوصول إلى ساحة العباسيين كبرى الساحات العامة بدمشق. وفيما أدانت منظمات حقوقية استخدام السلطات العنف المفرط مع المتظاهرين، تحدث شهود عيان عن وقوع إصابات، فيما أظهر شريط بثه »تلفزيون شام« المعارض قيام رجال أمن بإهانة وركل متظاهرين. وبدورها أعلنت الحكومة السورية مقتل أحد رجال الشرطة في مظاهرات مدينة حمص أول أمس.