الشكوى التي تقدم بها المجلس الانتقالي الليبي إلى الجامعة العربية يجب التعامل معها بجدية لأنها رسالة، فمع بداية الأزمة الليبية تحولت الجامعة العربية إلى قناة لتمرير مواقف ورسائل دول التحالف الغربي الذي يقود العملية العسكرية ضد النظام القائم في طرابلس، وهو ما يعطي للشكوى بعدا آخر. المجلس الانتقالي ليس حكومة وهو لا يمثل دولة ولا يحوز على الاعتراف الدولي إلى حد الآن، وإقدامه على التقدم بشكوى إلى الجامعة العربية لا يمكن أن يكون خطوة سليمة وحكيمة من جانب هيئة تسعى إلى الإطاحة بنظام والحصول على الاعتراف الدولي، ثم إن اللجوء إلى هيئة فاقدة للتأثير من الجامعة العربية يوحي بأن الأمر أبعد من مجرد شكوى، إنه حملة دبلوماسية منظمة تأخذ منحى تصاعديا مع مرور الأيام. عندما أراد التحالف الغربي وخاصة الأمريكيون والفرنسيون التدخل في ليبيا طلبوا أولا قرارا من الجامعة العربية يمنحهم الضوء الأخضر، وهم في الأصل لم يكونوا بحاجة إلى هذا القرار، إلا أن الإصرار على إقحام الجامعة العربية كان الهدف منه توفير الغطاء لعملية عسكرية مرشحة لأن تطول وتأخذ أبعادا أكبر في المستقبل، والآن يتضح أن هذه الجامعة العربية قد تتحول إلى مكتب لتسجيل الشكاوى ضد الذين يرفضون المشاركة في المشروع الغربي لإعادة ترتيب المنطقة انطلاقا من ليبيا ووصولا إلى مناطق أخرى، والجزائر من هؤلاء. الملاحظة التي يمكن تسجيلها على مذكرة المعارضة الليبية من حيث المضمون هي أنها تأخذ طابعا قانونيا باعتبار أنها تستند إلى تقارير جمعية التضامن لحقوق الإنسان التي تقول إنها تملك وثائق رسمية تثبت قيام سلاح الجو الجزائري، وشركة الخطوط الجزائرية برحلات خاصة لصالح القذافي، كما زعمت المذكرة أن عدد الرحلات الجزائرية التي وصلت إلى المطارات الليبية بلغ عددها رحلة وأنها لا تحمل أرقاما، وتمت الإشارة إلى خرق الجزائر لقانون الطيران المدني وهو ما يوحي أن هناك ملفا يحضر ضد الجزائر بعد أن أصبح واضحا أن المعارضة الليبية تعمل ضمن مخطط كبير لترتيب أوضاع المنطقة وبمشاركة حكومات عربية متحالفة مع أمريكا. أمام هذا الوضع لا يكفي أن تتحدث المصادر الدبلوماسية المجهولة إلى الجرائد، ولا يكفي أن يقول المتحدثون نحن نعرف الجهات التي تقف وراء هذه الاتهامات، الوضع أخطر من أي يسير بهذه الأساليب، والجزائريون من حقهم أن يعرفوا هوية من يتآمر عليهم إن كانت هناك بالفعل مؤامرة.