اختار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن يحتفي بالصحفيين في اليوم العالمي لحرية التعبير هذه السنة برفع التجريم عن الكتابات الإعلامية وإلغاء المادتين 144 مكرر و146 مكرر من قانون العقوبات، واللتين ظلتا طيلة عشرية كاملة سيفا على رقاب الصحفيين، سيف لم تسقطه إلا رياح التغيير التي تشهدها منذ أشهر المنطقة العربية والتي تداعت على الجزائر بحزمة من الإصلاحات السياسية الكبرى، بدأت من الإعلام في انتظار أن تمتدّ إلى قوانين الأحزاب والانتخابات والجمعيات وصولا إلى مراجعة الدستور. 10 سنوات كاملة هو عمر النضال الذي خاضه الإعلاميون في الجزائر من أجل رفع التجريم عن الكتابات الإعلامية وإلغاء سجن الصحفي بسبب كتاباته مثلما جاء في تعديلات الوزير الأول أحمد أويحيى عندما كان على رأس وزارة العدل سنة 2001 لقانون العقوبات من خلال المادتين 144 مكرر و146 مكرر اللتين تنصان على حبس الصحفي لمدة قد تصل 12 شهرا وغرامة تصل إلى 250 ألف دينار في حال تضمنت كتاباته أو رسوماته سبا أو قذفا أو اهانة في حق رئيس الجمهورية أو البرلمان أو القضاة أو الجيش أو الشرطة. عشرية كاملة لم تتوقف خلالها أصوات الصحفيين من كل المنابر عن لمطالبة برفع القيود عن كتاباتهم، نداءات كانت تصطدم في كل مرة برفض الحكومة مراجعة موقفها من قانون العقوبات ومن المادتين 144 مكرر و146 مكرر، بحجة أن القذف مجرم ويستحق صاحبه السجن تارة وبحجة أن المادتين لم تكونا يوما حاجزا أمام حرية التعبير خاصة وأن الجزائر وطيلة العشرية الماضية لم تعرف سجن أي صحفي بسبب كتاباته. وفي مقابل عدم سجن أي صحفي في العشر سنوات الماضية إلا أن وجود المادتين آنفتي الذكر في حد ذاته كان يحد من حرية الصحفي ويضعه تحت طائلة المتابعة القضائية، حيث تشير الأرقام إلى مئات الدعاوى القضائية التي ترفع سنويا ضد الصحفيين من كل العناوين الإعلامية، وتظل تلاحقهم لسنوات في المحاكم، ومن جهة أخرى فإن وجود المادتين كثيرا ما جرّ على الجزائر انتقادات لاذعة في التقارير الدولية حول حرية التعبير. كان على الصحفيين في الجزائر انتظار هبوب رياح التغيير على المنطقة العربية التي أسقطت النظامين التونسي والمصري وهزت ركائز أنظمة أخرى، لتٌسقط الحكومة في الجزائر السجن عن الصحفي، بمبادرة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أعلن عنها في خطابه للأمة في 15 أفريل الفارط في إطار خطة شاملة للإصلاح السياسي في البلاد، إصلاح اختار الرئيس تدشينه من الإعلام بتحرير العاملين في هذا القطاع الحساس والحيوي من شبح الحبس الذي ظل يلاحقهم مع كل كلمة يخطّونها. كما اختار الرئيس بوتفليقة أن يؤشر على قرار تحرير الصحفيين من تبعات المادتين 144 مكرر و146 مكرر في مجلس الوزراء عشية الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير، ليكون القرار هديته لأسرة الإعلام في عيدها السنوي، في انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من إصلاحات سياسية.