يعتصم اليوم الأطباء المقيمون في مستشفى مصطفى باشا الجامعي، وهم يهددون بالسير سلميا، نحو مقر رئاسة الجمهورية، ومُقرر أن يُشارك في هذا الاعتصام الأطباء الوافدون من الولايات العشر، التي تتواجد بها المراكز والمستشفيات الجامعية الكبرى، من أجل تأكيد التمسك بالمطالب المرفوعة، والرد على التصريحات الأخيرة للوزير الأول أحمد أويحيى، التي اعتبروها »استفزازية ومسّا بوطنيتهم«. من جديد، يُنظم التكتل المستقل للأطباء المقيمين نهار اليوم اعتصاما وطنيا، يُشارك فيه الأطباء المقيمون بالولايات العشر التي تتواجد بها المراكز والمستشفيات الجامعية الكبرى، من أجل تأكيد الإصرار على مواصلة الإضراب الذي هو على وشك بلوغ شهره الثالث، والرد على التصريحات الأخيرة، التي أدلى بها الوزير الأول أحمد أويحي، بشأن مطلب إلغاء إلزامية الخدمة المدنية، وباقي المطالب الأخرى المرفوعة، وقد عبّروا عن تذمرهم منها،واعتبروها استفزازية، وقالوا بشأنها »لسنا بحاجة إلى من يُعطينا دروسا في الوطنية«، وقد يُغامرون غدا بالخروج من مستشفى مصطفى باشا الجامعي، والسير بطريقة سلمية نحو رئاسة الجمهورية، ويُنتظر حسب المتحدثين باسمهم، أن يُعبروا في اعتصام اليوم عن حالة الرفض والغضب، التي هم عليها من وزارة الصحة، ومن الوزير الأول، الذي طالبوه بالإنصاف، لا المهاجمة، والتشكيك، وإعطاء الدروس في الوطنية. وحسب ما تمّ الإعلان عنه في آخر جمعية عامة بمستشفى مصطفى باشا، فإن المجلس المستقل قرر في دورة تلمسان الانسحاب الكُلّي من لجنة الخدمة المدنية، التي أُطلق عليها اسم »لجنة العقلاء«، احتجاجا على تشكيلة اللجنة، التي قالوا عنها أنها أُعدّتها وزارة الصحة على المقاس، وتمّ فيها رفض الأعضاء الذين اقترحهم المجلس المستقل للمقيمين. ونشير إلى أن هذه اللجنة نصّبها وزير الصحة الدكتور جمال ولد عباس قبل بضعة أيام، واختار لها أساتذة في العلوم الطبية، ونوابا من البرلمان بغرفتيه، وأعضاء من المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، وممثلي الأطباء المقيمين، ومسؤولين من وزارة الصحة طبعا، وتمّ طرح موضوع الخدمة المدنية للنقاش، إلا أن أعضاء اللجنة الآخرين كانوا في واد، ومُمثلي الأطباء المقيمين كانوا في واد آخر، إذ في الوقت الذي أكد فيه أعضاء اللجنة الآخرون، لاسيما منهم نواب الغرفتين حتمية الإبقاء على إلزامية الخدمة المدنية، أظهر الأطباء المقيمون إصرارهم القوي على ضرورة إلغائها نهائيا، وحلّ مشكلتها عن طريق توفير ثلاث عناصر أساسية، تتمثل حسبهم في: توفير مستلزمات المهنة بعين المكان، ضمان الأجر الشهري المحترم للطبيب، مع كل المنح والعلاوات، بما فيها منحة المنطقة، وتعيين الأطباء المقيمين وفق القواعد الطبية التكامُلية في الاختصاصات. وما يُمكن استخلاصه أن هذا الاختلاف الحاصل في المنطلق بين الجانبين، وتمسك كل طرف منهما بما هو في رأسه، هو الذي أوصل اجتماع اللجنة إلى الفشل الذريع الذي انتهت إليه، وجعل الأطباء المقيمين ينسحبون منها ويقاطعون أشغالها. وفي الوقت الذي هي فيه المفاوضات على هذه الحال مع وزارة الصحة، بالنسبة لمطلب الخدمة المدنية، فإنها قطعت شوطا مُرضيا حتى الآن بالنسبة للقانون الخاص، ولم يعُد ينقص سوى مصادقة الوزير الأول على ما تمّ الاتفاق عليه، ونفس المنحى الإيجابي سارت فيه المطالب البيداغوجية، التي هي مع وزارة التعليم العالي، وحتى وإن كان الأطباء المقيمون مرتاحون بشأن ما تحقق من خطوات حتى الآن بخصوص المطالب البيداغوجية، فإن تحفظات كبيرة مازالت تحوم في أذهانهم، حول التجسيد الفعلي لهذه المطالب، هم في شك، وينطلقون في شكهم هذا من حالة عدم الثقة المُعبّر عنها، الموجودة بينهم وبين هاتين الوصايتين بل والسلطات العمومية برُمّتها.