طالب رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، بشكل ضمني، بضرورة أن يتم توسيع صلاحيات الغرفة العليا للبرلمان خلال التعديل الدستوري المقبل، وأن يُحدّد علاقاتها مع المجلس الشعبي الوطني بوضوح. وبرّر هذا التوجّه ب »رفع من الحرج الذي يقع فيه مجلس الأمة في كثير من المرات«، معترفا بأنه تفادي إسقاط الكثير من القوانين لاعتبارات تفرضها »المصلحة الكبرى«. توقع رئيس مجلس الأمة أن تكون الدورة الخريفية العادية المقبلة »أهم الدورات على الإطلاق« نظرا لأن جدول أعمالها سيتضمن مشاريع وقوانين اعتبرها »في غاية الأهمية تُترجم عمليا تعهّدات رئيس الجمهورية الخاصة بالإصلاحات التي أراد لها أن تكون شاملة وعميقة«، مشيرا إلى أن المشاورات التي جمعت أحزابا سياسية وشخصيات وطنية أجمعت على تبني توجّهات سياسة إصلاحات »تُعيد النظر في كامل أسس البناء المؤسساتي للدولة الجزائرية«. ولم يُخف بن صالح في مضمون كلمة ألقاها أمس الأول في اختتام مجلس الأمة، تفاؤله في أن يعتمد البرلمان »قوانين تكون في مستوى تطلعات الغالبية الكبرى من أبناء الشعب الطامح إلى التغيير«، متحدّثا عن النصوص التي صادق عليها المجلس بالقول إنها جرت »في ظل أجواء اجتماعية وسياسية ميزها التحول الذي تعرفه البلاد منذ فترة«. وخصّ بالذكر قانون البلدية »الذي احتل حيّزا خاصا من بين كافة النصوص«، معتبرا أنه »جاء بأحكام جدّ هامة غيرت تغييرا جذريا في أسلوب الحكم المحلي«. وأضاف أن التعديلات التي أدرجت ضمن هذا القانون »ستُسهم في تحسين أداء الهيئة المنتخبة ضمن البلدية«، لافتا إلى أن الخطوات التي تحققت من خلال المصادقة على قانون البلدية تُشكل جانبا من جوانب التغيير المنشود الذي يجب، حسبه، أن يشمل قانون الولاية والانتخابات والقانون المتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية، وتوقع أن تُبرمج هذه القوانين في جدول أعمال الدورة الخريفية القادمة. وتخلّى بعد القادر بن صالح عن واجب التحفّظ الذي لازمه بتأكيده: »لا يفوتنا التذكير بأن مجلس الأمة كثيرا ما وُضع أمام خيارات صعبة أين يكون مخيّرا بين أحد الخيارات«، بين أن »يكتفي أعضاؤه )من خلال لجانه( برفع توصية إلى الهيئة التنفيذية حول جانب الخلل المسجل فيقترحون بموجبها تدارك النقص الموجود في النصّ من خلال دعوة الحكومة لاتخاذ إجراءات تنظيمية وفي حدود جد ضيقة، وهو إجراء يمكن اعتباره بمثابة الإجراء المُسكّن وليس المعالج..«. أما الخيار الثاني فيتمثل في »أن يرفض المجلس مادة أو عددا من المواد.. وفي هذا الرفض يظهر المجلس كما لو كان قد رفض النص بكامله«، الأمر الذي يستوجب وفق تقديره »إتباع إجراءات قد تأخذ وقتًا.. وبهذا الموقف قد يظهر المجلس )في نظر البعض( بمثابة المعرقل للعمل التشريعي. وهو الأمر الذي في كل مرة عمل أعضاء مجلس الأمة على تجنبه«. وفيما حصر الخيار الثالث في »أن يوافق المجلس على ذلك المشروع مع ما يتضمنه من خلل بيّن.. وهو الأمر الذي في جلّ المرات يتكرّر..«، وهنا خلص إلى أنه » من بين هذه الخيارات فإن أحلاها مُرّ«. وبالعودة إلى قانون البلدية وقانون المالية التكميلي أوضح المتحدّث أن »أعضاء مجلس الأمة من خلال مصادقتهم على القانونين المذكورين قد أظهروا حكمة وبُعد نظر واضحين، خاصة وأن الكثير منهم لم يكن مقتنعا الاقتناع الكافي بمضمون بعض المواد المدرجة ضمنه.. إلا أنهم مع ذلك لم يرفضوه«. وبعد أن أكد أعضاء مجلس الأمة »كانوا باستمرار يرجحون المصلحة الكبرى على حساب العيب الثانوي«، لم يتوان بن صالح في الاعتراف: »إننا لهذه الاعتبارات وغيرها كثيرٌ نودّ أن نؤكد مرة أخرى كم هي مطلوبة المراجعة الدستورية بالنسبة لمجلس الأمة، وكم هو واجب تكييف القانون العضوي الناظم للعلاقات ما بين غرفتي البرلمان وما بينهما وبين الحكومة« لأن هذا التكييف »من شأنه، تأكيدا، أن يؤدي إلى تدقيق العلاقات وحصر الصلاحيات.. ويوضّح من ثم عمل ومسؤولية كل طرف من الأطراف ذات الصلة بصناعة النص القانوني«.