وجّه ممثلون عن سكان ولاية غرداية نداءا عاجلا لرئيس الجمهورية للتدخل من أجل وقف المشروع الذي هو قيد الدراسة والمتعلق باستغلال المياه الجوفية المتواجدة بالمنيعة لإمداد سكان الهضاب العليا بالماء الشروب، العملية اعتبرها سكان المنطقة ب»الخطيرة« لأنها تهدد مستقبل الفلاحة وستقضي على مخزون المياه الجوفية بالمنيعة التي تبعد عن العاصمة بما يقارب 900 كيلومتر. تضمنت الرسالة التي تحصلت »صوت الأحرار« على نسخة منها، دعوة صريحة لرئيس الجمهورية لوقف منا أسموه »الجريمة في حق سكان هذه المنطقة«، حيث عبر هؤلاء السكان عن رفضهم لمشروع نقل المياه من مدينة المنيعة إلى منطقة الهضاب العليا والبيض المبرمج من طرف الحكومة والذي هو الآن قيد الدراسة . وجاء في الرسالة »نحن سكان ولاية غرداية نحيطكم علما أننا غير موافقين على هذا المشروع، وذلك بحكم معرفتنا بالمنطقة، وبدليل تجربتنا في استعمال هذه الثروة منذ سنين، وكذا مرافقتنا للأجيال السابقة«. وتتلخص أسباب اعتراض السكان لهذا المشروع، في كون مستوى المياه في انخفاض دائم عاما بعد عام، وبالنظر إلى استعمال هذه الثروة من طرف الفلاحين فقد تأكد أنه لا يمكن في الوقت الحالي سقي المزارع دون الرجوع إلى مضخات المياه لاستغلالها، مرورا بحفر آبار عميقة وجد مكلفة، بالإضافة إلى ذلك، فإن عدد سكان الولاية وعدد المستثمرين الفلاحين القادمين من جميع مناطق الوطن في تزايد مستمر، وهذا ما يتطلب إعداد دراسة إستراتيجية مستقبلية لهذه المنطقة . ويبرر سكان الولاية رفضهم للمشروع كذلك انطلاقا من وجود الصناعة البترولية والغازية في المنطقة وبالتحديد في حاسى باحمو، حيث أن طبيعة الخزان الغازي المستعمل هنا من النوع السميك، وبالتالي فإن استغلال هذا النوع من الخزانات يتطلب كمية من المياه تبلغ خمس أضعاف الكمية المستعملة في الخزانات العادية. هذه المشكلة، وحسب ما ورد في نفس الرسالة، رفعت من طرف الدكتور حجاج، وهو عضو من بين الأعضاء الموقعين على هذه الرسالة خلال محاضرة ألقاها في ملتقى »الطاقة البديلة« المنظم من طرف مركز الدراسات الإستراتجية التابع لحزب جبهة التحرير الوطني يوم 11 أفريل 2011. وأبرز الدكتور حجاج في ملتقى علمي دولي حول »الفوقارات« بمدينة أدرار، أن الاستغلال البترولي والغازي في منطقة »توات« يتطلب استخدام الخزان السميك، مما أثر كثيرا على مستوى المياه في الفقارات، كما أن كثيرا منها لم تعد صالحة، ومنها من جفت بسبب الاستغلال المفرط لها . كما أكد سكان المنطقة في رسالتهم أن المكتب القائم على إعداد الدراسة الخاصة بالمشروع هو مكتب أجنبي غير معني بالنتائج المترتبة عن المشروع، إذ أنه يستخلص خلاصة طبقا لمتطلبات الزبون، في الوقت الذي يؤكد فيه دكاترة مختصين في الميدان منهم الدكتور حجاج، بأن دراسة باطن الأرض من ثروات مائية، بترولية أو غازية تستعمل نماذج رياضية مبنية على معطيات، والنتائج المستنبطة هي التي تعطينا محتوى باطن الأرض. وللأسف، فإن هذه الأرقام المقدمة حول باطن الأرض غير صحيحة لأنها تنبؤية مستقاة من نماذج رياضية مبنية على احتمالات وإحصاءات وبالتالي لا يمكنها أن تكون دقيقة فكيف بنا أن نغامر بمشاريع كهذه مبنية على تنبؤات؟. سكان الولاية جددوا رفضهم لهذا المشروع وطالبوا من بوتفليقة وقفه على الأقل في انتظار ما ستسفر عليه نتائج استغلال مشروع نقل المياه من منطقة عين صالح إلى ولاية تمنراست خلال الخمسين سنة المقبلة وتأثيرها على مخزون المياه الذي يتأثر بدوره بتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون في عين صالح. وبالمقابل أشار سكان الولاية إلى ضرورة البحث عن حلول بديلة، على غرار تكنولوجيا تحلية المياه التي تعممت وأثبتت نجاحها على جميع المستويات، وعليه عوض نقل المياه من الجنوب إلى الهضاب العليا سيتم نقلها من الشمال إلى الهضاب العليا، وذلك بنقل مياه البحر إلى الوسط وخلق بحيرات بهذه المياه ثم تحليتها للزراعة وللشرب بواسطة مصانع صغيرة ومتوسطة في كل مكان يحتاج فيه إلى ماء، هذا من جهة، ومن جهة أخرى خلق مناطق سياحية تجذب أكبر عدد من الزوار والسياح إلى هذه المناطق. وتبقى هذه الطريقة في رأي سكان المنطقة أحسن اقتصاديا و تقنيا خاصة في مجال نقل المياه من مكان أسفل الصحراء إلى مكان أعلى. تخزين ثاني أكسيد الكربون يهدد المياه الجوفية بتيميمون كما أشار سكان ولاية غرداية إلى مشكل آخر متعلق بمشروع تخزين ثاني أكسيد الكربون المرتقب إنجازه في منطقة تيميمون، والذي يعمل به في منطقة عين صالح. هذه العملية المستعملة من أجل حماية البيئة غير صالحة للمنطقة لأن غاز ثاني أكسيد الكربون يخزن في الأرض، ويمكنه أن يختلط بمخزون المياه، وبالتالي سيتم سقي الأراضي بمياه غازية لا نعرف مدى تأثيرها على الفلاحة. وعليه هناك حل أحسن من هذا، و هو زرع عدد من النخيل قرب هذه المناطق وبفعل عملية التركيب الضوئي يمكن لهذه الأشجار امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وبالتالي خلق مناخ محلي، وفرص عمل للشباب، وكذا تدعيم عملية إنتاج التمور وغيرها من المشاريع.