يشهد الوضع الأمني في الجزائر، تصعيدا من خلال عمليات إرهابية متفرقة، أبرزها تلك التي استهدفت نادي الضباط بالأكاديمية العسكرية بشر شال، أول أمس، وخلفت 18 قتيلا و26 جريحا. بالمقابل تواصل القوات المشتركة توجيه ضرباتها لمعاقل القاعدة ضمن إستراتيجية استئصال فلول الإرهاب. كثفت المجموعات الإرهابية النشطة في وسط البلاد وبالتحديد في منطقة القبائل، من عملياتها الإجرامية، سواء عن طريق الاغتيالات أو الهجوم المباغت على دوريات الجيش أو الشرطة أو عن طريق تجهيز عمليات انتحارية، مثلما هو الحال للعملية الانتحارية الفاشلة التي توفي فيها عبد القهار بن حاج ابن الرقم الثاني في »الفيس« المحل علي بن حاج، والتي كانت من المفترض أن تستهدف أحد المقرات العمومية في العاصمة حسب التقارير التي عالجت الحادثة، فيما تمكن التنظيم الإرهابي من تنفيذ هجوم إرهابي عن طريق سيارة مفخخة على مركز الأمن الحضري بتيزي وزو. وتأتي هذه العمليات اليائسة في محاولة من القاعدة كسر الحصار العسكري المضروب على معاقلها من قبل قوات الجيش مدعومة بالمصالح الأمنية وقوات الدفاع الذاتي والحرس البلدي، حيث تم تشديد الخناق على الإرهابيين في ظل نقص الإمدادات الغذائية والدعم اللوجيستي بالموازاة مع تفكيك خلايا الدعم والإسناد من قبل مصالح الأمن. كما تمكنت الإجراءات التي اتخذتها القوات المشاركة من ملاحقة فلول الجماعات الإرهابية إلى الصحراء الكبرى وإجبارها على تخطي الحدود الجزائرية باتجاه مالي والنيجر بحثا عن ملاذ آمن. ومن هذا المنظور، فإن انحصار النشاط الإجرامي وظهور العديد من مؤشرات انكماش تنظيم القاعدة بعد النزيف الذي تعرض له التنظيم إثر تسليم عشرات الإرهابيين لأنفسهم والسعي للاستفادة من إجراءات ميثاق السلم والمصالحة أو جراء التصفيات التي تدور رحاها بين مختلف الفاعلين في الجماعات الإرهابية بسبب الأموال من جهة وغياب الأفاق من جهة أخرى، عوامل جعلت القاعدة تبحث عن عملية إرهابية نوعية استعراضية من شأنها تحقيق صدى إعلامي قد يغطي ولو مرحليا على الفشل الذريع الذي مني به التنظيم عسكريا وإيديولوجيا. ويعتقد متتبعون للشأن الأمني أن استهداف الأكاديمية العسكرية المتعددة الأسلحة بشرشال قد يكون نتيجة لفشل التنظيم في اقتحام العاصمة التي تبقى هدف الإرهابيين نظرا لوزنها السياسي والإعلامي، إلا أن الأكاديمية هي الأخرى تتميز برمزيتها ودلالتها، مما يعني أن رغبة التنظيم الإجرامي في العودة إلى الساحة الإعلامية وتكريس نفسه كعامل في الساحة، قوية وتستدعي المزيد من الفطنة واليقظة. على صعيد آخر تقود القوات المشتركة الجزائرية حربا بلا هوادة على فلول الجماعات الإرهابية، حيث كشف تقرير للخارجية الأمريكية نشر حديثا، أن الجزائر نجحت إلى حد كبير في تقويض الجماعات الإرهابية، فضلا عن هذا رافعت الجزائر لمنع دفع الفدية للإرهابيين، وتمكنت من تنسيق مواقف دول الساحل الصحراوي بخصوص مكافحة الإرهاب من خلال القاعدة العملياتية المشتركة بتمنراست، إلا أن اندلاع الأزمة المسلحة في ليبيا وانتشار السلاح بعشوائية وضعف دول الجوار من مراقبة الحدود يجعل الجزائر أمام تحديات كبيرة.