شكلت العملية الانتحارية التي نفذت ليلة أول أمس في زموري ببومرداس أعنف عملية إرهابية منذ بداية السنة الجارية والتي تركزت أغلبها في منطقة القبائل واشتركت في عامل استهداف مقرات الأمن. وقد بلغت حصيلة هجوم أول أمس الذي استدعى تنقل وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين يزيد زرهوني والمدير العام للأمن الوطني، علي تونسي، إلى جانب اللواء أحمد بوسطيلة، قائد الدرك الوطني، 8 قتلى أغلبهم شباب مصطافون و19 جريحا، وهي أثقل حصيلة خلفتها العمليات الانتحارية التي ارتفعت وتيرتها مؤخرا في المنطقة المحصورة بين تيزي وزو، البويرة وبومرداس. حيث سجل منذ شهر جوان المنصرم تصعيد أمني بتنفيذ عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال عمليات انتحارية منها تلك التي استهدفت شاحنة عسكرية في منطقة دلس في 5 جوان الماضي وأدت إلى مقتل ستة عسكريين وجرح أربعة آخرين، بعدها قامت العناصر المسلحة باستهداف عمال شركة فرنسية من خلال تفجير قنبلة بالقرب من ورشة للسكك الحديدية بالأخضرية، ولاية البويرة، قتل فيها مهندس فرنسي وسائقه الجزائري. وأياما فقط بعدها استحدثت الجماعات المسلحة طريقة جديدة لتنفيذ اعتداءاتها الإرهابية تمثلت في استخدام دراجة نارية مفخخة وتفجيرها بالقرب من شاحنة عسكرية بالاخضرية خلفت 13 جريحا، وهي العملية التي قال عنها وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين يزيد زرهوني، إنها دليل على فشل الإرهابيين في مواجهة الخطط الأمنية التي أضحت تتمتع بذات المرونة التي تعتمدها الجماعة السلفية في تنويع طرق الاعتداءات الانتحارية، وذلك منذ اعتداءات أفريل وديسمبر من السنة المنصرمة، التي تطلبت إعادة النظر في استراتيجية مكافحة الإرهاب، حسبما تقتضيه المستجدات الميدانية. وتعمد الجماعة السلفية للدعوة والقتال في كل مرة تتلقى فيها ضربات أمنية من خلال عمليات التمشيط المستمرة بمنطقة القبائل التي تقودها القوات المشتركة للجيش الشعبي الوطني مكنت من القضاء على عدد معتبر من مسؤوليها ومخططي الهجمات الانتحارية، تعمد إلى الرد مباشرة كصيغة لتكذيب "قدرة السلطات الأمنية على التحكم في الوضع الأمني" وإثبات وجودها، خاصة بعد التصريحات "المتفائلة" لوزير الداخلية والمدير العام للأمن الوطني المتعلقة بقرب نهاية الإرهاب في الجزائر. وقد يدفع التصعيد الأمني المتمركز في منطقة القبائل إلى إعادة النظر أيضا في خطط مكافحة الإرهاب في المنطقة، خاصة بعد تعمد الجماعة السلفية للدعوة والقتال استهداف المراكز الأمنية في الليل أو في الساعات الأولى من الصباح، على غرار ما حدث في عملية استهداف المركز الأمني بتيزي وزو مؤخرا والتي خلفت 25 جريحا ونفذت في الساعات الأولى من يوم 3 أوت المنصرم، وجاءت بعدها عملية زموري التي نفذت ليلا، وهو ما يطرح تساؤلا عن درجة الحذر من العمليات الانتحارية في هذه الأوقات.