تختلف رمزية ذكرى هجمات 11 سبتمبر 2001 بين الغرب وبين أغلب البلدان العربية والإسلامية، وخصوصا الجزائر، فالحدث قد يشكل بالنسبة لأمريكا وحلفائها بداية للحرب على ما يسمى ب »الإرهاب الإسلاماوي« الذي يمثله تنظيم القاعدة، ويمثل أيضا الاكتشاف الحقيقي لخطر المجموعات التي تسمي نفسها ب »الجهادية«، مع أن هجمات واشنطن ومانهاتن، سبقتها تفجيرات دار السلام بتنزانيا التي حملت هي الأخرى بصمات تنظيم إرهابي عالمي ينطوي على الكثير من الأسرار التي لا تزال تحير أكبر المتخصصين والخبراء في المجال الأمني. بالنسبة لأمريكا ولحلفائها أيضا كشف »الجهاديون« عن مشروعهم لضرب الغرب من خلال هذه الهجمات، التي كانت عبارة عن إعلان بداية ما يسمى ب »الجهاد العالمي«، وتوالت الهجمات الدامية بشكل درامي منذ ذلك التاريخ، حيث نفذت »القاعدة« التي أصبحت أشبه ما يكون بدولة افتراضية لها قيادة مركزية وفروع وجيش وترسانة إعلامية، عمليات دامية في »جربة« في تونس، وضربت في تركيا وفي السعودية والدار البيضاء بالمغرب، وتهاوت أسطورة الأمن المطلق في لندن، وكذلك في مدريد، وتحولت الهجمات التي تنسب إلى القاعدة إلى الهاجس الأمني الأول للعالم أجمع، وحتى وإن كان الإرهاب في الجزائر قد سبق تاريخ 11 سبتمبر، فإن التفجير الإرهابي الذي استهدف قصر الحكومة وسط العاصمة في 2007، قد سمح بالتأريخ لعهد جديد للإرهاب في الجزائر، يمثل بالنسبة للبعض على الأقل ربط الإرهاب في الجزائر بشكل مباشر بالإرهاب الدولي وبالقاعدة التي أصبح لها فروع في الجزيرة وفي شمال إفريقيا. وقبل العودة إلى رمزية ال11 سبتمبر بالنسبة للجزائر، لابد من لفت الانتباه إلى مسألة تبدو هامة جدا، فليس هناك إجماع وسط الخبراء والمتخصصين في الشأن الأمني حول هذه الهجمات، فلما يعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن مباشرة بعد الفاجعة بأن الحرب الصليبية الجديدة ضد العالم الإسلامي قد بدأت، وبأن الرب قد أمره في منامه بأن يقود جحافل المارينز لدك حصون الطالبان، ولما نعلم بأن كل الجرائم التي ارتكبت ضد العالم الإسلامي في أفغانستان والعراق، وفي الصومال وغزة ولبنان وغوانتنامو وأبو غريب كانت بعد هذا التاريخ، ولما ندرك أيضا بأن القاعدة التي أفزعت العالم أجمع لم تصل ولو مرة واحدة إلى إسرائيل، يحق لنا التساؤل مع المتسائلين: هل القاعدة حقيقة أو صنيعة أمريكية أوجدتها مخابر واشنطن والغرب لتبرير الهيمنة على العالم العربي والإسلامي باسم مكافحة الإرهاب؟، ثم ألم تنس واشنطن، ومن لف لفها، القاعدة وتهديداتها لمجرد أن بدأت في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير أو ما يسمى بالفوضى الخلاقة التي تعني تفتيت العالم العربي عن طريق الفتن الدامية. رمزية هجمات ال11 سبتمبر بالنسبة لبلد مثل الجزائر ترتكز على مسألتين، فهذه الهجمات وبغض النظر عن خلفياتها، سمحت بإدراك الغرب للخطر الحقيقي الذي تمثله المجموعات الإرهابية، خاصة وأن العديد من رؤوس الإرهاب كانت تتقلب في نعيم أمريكا وأوربا، وتستعمل الغرب كقاعدة خلفية لحربها ضد الشعب الجزائري، كما تتجلى في مسألة أخرى مهمة وهي أن استقرار الدول التي تعاني من آفة الإرهاب لا يعني كثيرا الدول الكبرى إلا بمقدار ما تراه من تهديد يستهدف مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية. المصالح إذن هي الفيصل بين نظرة الغرب للإرهاب ونظرة الجزائر، فالغرب استعمل الإرهاب لتبرير هجمات شرسة ضد العالم الإسلامي بخلفيات اقتصادية أو أمنية تتعلق بأمن إسرائيل، ويرفض لحد الآن تقديم تعريف دقيق للإرهاب، أو وضع فواصل واضحة بين الإرهاب والإسلام كدين والمقاومة المشروعة، أما بالنسبة للجزائر فإن الإرهاب ظاهرة لها أسبابها السياسية والاجتماعية، أو تلك المرتبطة بتفسيرات خاطئة ومضللة للإرهاب لها علاقة بفكر وهابي نشأ وترعرع تحت أعين الغرب وبرعايته، ولقد كشفت الأزمة في ليبيا حقيقة الجميع وظهر للعيان من يحارب حقيقة الإرهاب، بين الجزائر التي حذرت منذ البداية من تنامي المجموعات »الجهادية« المتطرفة، ومن فوضى السلاح، وبين الغرب خاصة فرنسا وبريطانيا التي أعماها القذافي والنفط الليبي عن رؤية أي خطر إرهابي قد يهدد منطقة الساحل وشمال إفريقيا والعالم أجمع في المستقبل المنظور.