رغم انتشار أزمة السكن في بلادنا إلا أن بيت الزوجية المستقل أضحى شرطا أساسيا للزواج بل ومن الأولويات التي لا يمكن للعديد من العائلات التنازل عنه، يحدث هذا رغم دق المتخصصين لناقوس الخطر وهم يشيرون بالبنان الى أن هذا الشرط يعد السبب الأول في انتشار العنوسة بينما يرى آخرون أنه مدخل للعديد من المشاكل العائلية التي توصل بالازواج في الكثير من الأحيان الى الطلاق• "نطلب غير الهنا"•• ولكن! "نطلب غير الهنا" هي عبارة كانت العائلات الجزائرية فيما مضى تكررها على مسامع الخاطبين، تلخيصا لشروطهم أما في أيامنا هذه، ان كانت العبارة لازالت متداولة فانها تأتي بعد قائمة طويلة وعريضة من الشروط يترأسها أولا بنتنا تسكن وحدها وهو شرط صار شبه تعجيزي بالنسبة للعديد من الشباب الذين يتخبطون بين شبح البطالة وأزمة السكن• رغم علم العديد من الفتيات بوجود أزمة السكن في بلادنا إلا أن جلهن باختلاف أعمارهن ومستوياتهن التعليمية ووضعياتهن الاجتماعية، يؤيدن فكرة الاستقلالية في بيت الزوجية، ومن بينهن الطالبة "ليليا• ف" 24 سنة عزباء، أخبرتنا أنها لن ترضى بأي خاطب لا يملك شقة للزواج، ذاك أنها ترفض فكرة العيش مع عائلة الزوج بحجة أن هذا سيقيد من حريتها ويعد تعديا صارخا على خصوصيتها مع زوجها، ناهيك عن المشاكل العديدة التي قد تنجم مع لحماة أو أخوات الزوج، وعليه فالافضل على حد تعبير محدثتنا "نقعدو بعاد نبقاو أحباب"• في حين ترى "حنان• ش" 23 سنة، مخطوبة منذ ستة أشهر، أنه من المستحسن أن يعيش الزوجان في بيت مستقل عن بيت العائلة لأن هذا يمنحهما خصوصية أكبر، ولكن لا يجب أن يكون توفر البيت شرطا أساسيا في الزواج فإن وجد "الله يبارك" وإن لم يوجد فلا ضرر في العيش مع العائلة "حتى يفرج ربي" حسب محدثتنا• تشير أغلب الاستجوابات التي قمنا بها حول الموضوع أن السبب الرئيسي وراء اشتراط بيت الزوجية هو الخوف من نشوب المشاكل مع عائلة الزوج التي قد تصل الى الطلاق لا قدر الله، وهو ما وقع ل "حسيبة• ش" 27 سنة، مطلقة انفصلت عن زوجها بعد مرور سنتين من الزواج، حيث أخبرتنا عن قصتها قائلة "تزوجنا بعد ثلاث سنوات من الحب، وبما أنني كنت أحبه لم أشترط عليه أي شيء لحين تقدم لخطبتي وهذا رغم إصرار أهلي على وجوب اشتراط بيت مستقل لنا ولاسيما وأنني وحيدتهم التي لم تتعود على العيش مع عائلة كبيرة، لكنني رفضت ذلك وأصررت على رأيي بحجة أنني سأتأقلم مع عائلته، إلا أنه بعد مرور شهرين على زواجنا نشبت بيننا مشاكل لها أول وليس لها آخر، فحماتي كانت تتدخل في كل شاردة وواردة بيني وبين زوجي، وبدأ زواجنا يفقد خصوصيته والتي لم نكن نحظى بها إلا ساعة النوم••• حاولت جاهدة التأقلم مع الوضع، لكنني لم استطع فطريقة العيش التي تعودت عليها في بيتنا تختلف تماما عن التي وجدتها في بيت زوجي، حتى العقلية "ماشي كيف كيف" على حد تعبير محدثتنا التي واصلت قائلة "بعد تفاقم الوضع طلبت من زوجي أن نغادر بيت عائلته ونقوم بشراء منزل أو استئجار آخر، ولكنه لم يوافق على طلبي لأن وضعه المادي لم يكن يسمح له بذلك، فاقترحت عليه أن نعيش مع أهلي ولكنه رفض الفكرة أيضا لأن كرامته - حسبه - لا تسمح له بالعيش في "دار النسيب" فوصلنا الى طريق مسدود ولم يكن له حل إلا الطلاق• فتيات يتحدثن عن شروطهن إذا كانت "حسيبة" قد رضيت بالعيش مع أهل زوجها وهي حالة العديد من النساء، ولاسيما اذا كان بيت العائلة يكفي ليضم جميع الافراد، فإن بعض النساء يشترطن منزلا مستقلا بالرغم من امتلاك عائلة الزوج لبيت واسع• ومن تلك الحالات السيدة "آسيا• ص" 30 سنة، التي اشترطت على زوجها عندما تقدم لخطبتها أن يوفر لها منزلا مستقلا عن منزل عائلته بالرغم من امتلاك هذه الاخيرة لمنزل يتسع للجميع، ولدى سؤالنا عن السبب أجابتنا بأنها سيدة عاملة وخروجها المستمر قد يؤثر في علاقتها مع عائلة زوجها، ناهيك أن عملها يحتم عليها تنظيم أعمال البيت، وفق ما يتماشى مع جدول أوقاتها، وهذا التنظيم لا يمكن أن يتم - حسبها - اذا ما عاشت مع عائلة زوجها، بينما تكون لها حرية أكبر في تنظيم وقتها بين وظيفتها والاعمال بالبيت في منزل مستقل• الرجال يوجهون أصابع الاتهام للنساء في تعطيل زواجهن لا شك أن توفير بيت الزوجية المستقل يخص كلا الطرفين وعلى وجه الخصوص الرجال، حيث يرى أغلبهم أن هذا المشكل سببه تفكير الفتيات السلبي عن عائلة الزوج حتى قبل العيش معهم• وما حدثنا عنه "عزيز، س" 45 سنة، موظف بشركة وطنية ومتزوج من 15سنة، فالفتيات - حسبه - يتخذن مواقف سلبية تجاه عائلة الزوج ذلك أنهن يعتبرن الحماة وأخوات الزوج أعداء دون معرفة سابقة، وهو ما وقع مع المتحدث الذي فسخ خطوبته مع خطيبته الاولى بسبب اشتراطها منزلا مستقلا عن بيت عائلته بحجة أنها لن تنسجم معها• طارق• ف 25 سنة طالب جامعي، يرفض فكرة البيت المستقل ويرى أنه لو كل فتاة اشترطت بيتها المستقل فلمن يترك أب وأم الزوج؟ كما يرى محدثنا أن البيت المستقل يعني تخلي الرجل عن مسؤولياته تجاه والديه• من جهته يرى "عبد الودود• م" 30 سنة، ان اشتراط بيت الزوجية أضحى يشكل العائق الاول أمام الشباب عند إقدامهم على خطوة الزواج وهو ما يعكس حسب محدثنا ارتفاع نسبة العنوسة• لا أحد منا ينكر أنه من الجيد أن يكون للزوجين بيتا مستقلا عن بيت العائلة لما تمنحه هذه الاستقلالية من حرية للزوجين وخصوصية أكبر وهو ما يسمح لهما بمعالجة مختلف مشاكلهم دون تدخل أطراف أخرى لكن نشير هنا أنه لا يجب أن يجعل من البيت المستقل شرطا أساسيا لا يتنازل عنه، ويتوقف عليه زواج الفتيات، لاسيما إذا كان منزل العائلة يتسع للزوجين أما بالنسبة للمشاكل التي تنشب بين الزوجة وعائلة الزوج على وجه الخصوص أم الزوج فإنها مشاكل تبدأ بتوافه الأمور لتتفاقم نظرا لعدم تنازل أي طرف عن رأيه وتشبثه بمرجعية قد تكون خاطئة عن الطرف الآخر فماذا يضر الزوجة لو عاملت حماتها كوالدة ثانية لها وماذا يضر هذه الأخيرة لو عاملت كنتها كبنت لها، وبذلك تساهمان في تكسير مقولة "اذا تفاهمت لعجوزة والكنة ابليس يدخل للجنة"•