نفى المدير العام، لبريد الجزائر، محلول محند لعيد، وجود أزمة سيولة بالجزائر، حيث أكد في حوار خص به »صوت الأحرار«، أن مصالحه اتخذت كل الإجراءات في إطار عملية تسيير استباقية للخطر بهدف حل مشكل السيولة ومواجهته عبر كل مراكز بريد الجزائر التي يفترض أن ترتفع من 3500 إلى 5 آلاف مركز في القريب العاجل، كما تحدث المدير العام عن أسس وآفاق الإستراتيجية التي انتهجها منذ توليه هذا المنصب في شهر جوان الفارط، والتي تقوم أساسا على عصرنة القطاع من خلال إدراج تكنولوجيات الإعلام والاتصال والشروع في إنجاز عديد المشاريع التي من شأنها ترقية الخدمة العمومية ضمانا لراحة ومصلحة زبائن بريد الجزائر. * تم تعيينكم على رأس بريد الجزائر في شهر جوان الفارط، ما هي إستراتجية العمل التي قمتم بتحضيرها للنهوض بالقطاع وعصرنته؟ ** ما يجب أن نعلمه في البداية هو أن هناك طلبات كثيرة من طرف المواطنين على بريد الجزائر، وبالتالي يجب الاستجابة لها والتأقلم معها، وذلك لا يكون إلا بترقية القطاع وإعطائه دفعة قوية نحو الأمام، فهو قطاع متعطش للتكنولوجيات الحديثة، وبالفعل فقد استبقنا الأحداث وقمنا بإعداد إستراتيجية أفقية على المديين المتوسط والبعيد لتلبية مختلف الطلبات. إن الإستراتيجية المنتهجة ترتكز على مشاريع كبيرة تقرر انجازها خلال الفترة المقبلة ومنها تأسيس بنك سيكون بمثابة بنك شعبي، هو بنك المواطن العادي، الهدف منه التقرب من المواطنين في الأرياف والمناطق الصحراوية، حيث يضطلع هذا البنك بنفس العمليات البنكية التي تقوم بها البنوك الأخرى من منح قروض وتقديم استشارات ولما لا تمويل مختلف مؤسسات دعم المشاريع. ويبقى أن العملية تتطلب تكوين للموارد البشرية وتحضير للمكاتب التي سيتم تنصيبها عبر مختلف النقاط بالجزائر، وقد تم تحديد ما يقارب 15 مشروع لانجاز هذا البنك. وهناك مشروع آخر في إطار إستراتيجية العصرنة يقوم على أساسا تطوير استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، حيث سنعمل على تأسيس فرع في إطار شراكة مع الهاتف النقال لا سيما وأن عدد المراكز سيرتفع من 3500 إلى 5 آلاف مركز. وإضافة إلى ذلك فإننا نحضر لإطلاق مشروع البريد الهجين بالتنسيق مع البنوك، وغيرها من المؤسسات مثل سونلغاز أو الجزائرية للمياه، حيث يلعب بريد الجزائر دور الوسيط الذي يحول البريد الالكتروني لهذه المؤسسات والمتوجه إلى زبون معين إلى بريد عادي بعد أن يتم طبعه، وهذا في مرحلة أولية، لننتقل إلى مرحلة تخيير الزبون بين الظرف الالكتروني على الانترنت وبين تلقيه لرسالته مطبوعة عن طريق موزع البريد وهذا في مرحلة لاحقة. *أثار قرار تسقيف سحب الأموال من بريد الجزائر هذه الأيام جدلا كبيرا، ما تعليقكم؟ ** لقد حددنا عملية السحب ب 40 ألف دينار جزائري يوم بيوم خلال الفترة الممتدة ما بين 20 إلى 27 نوفمبر الجاري، وذلك في إطار عملية استباقية لمواجهة مشكل السيولة الذي توقعنا أنه سيتفاقم خلال نفس هذه الفترة بالنظر إلى معطيات معينة، حيث أننا لاحظنا بأن الطلب على السيولة سترفع بطريقة غير عادية لأن البرنامج الشهري لصب الأجور والعلاوات وبطلب من مؤسسات عديدة تغيّر لتسبيق علاوات المستخدمين بمناسبة عيد الأضحى. الطلب كان كبيرا وبعد العيد عشنا مرحلة فراغ وعليه توقعنا طلبا استثنائيا، إضافة إلى ارتفاع الكتلة النقدية وعليه فقد ارتفع السحب المتوسط للمواطنين على العموم من 20 ألف إلى 30 ألف دج. وبالمقابل وعلى عكس ما تداولته بعض الأطراف، فإن المواطنين كانوا جد متفهمين وتلقوا هذا القرار بكل ارتياح وسجلوا مثالات كبيرا للاستجابة وهذا ما لاحظته من خلال مختلف الجولات الميدانية التي قمت بها عبر عدد من مراكز البريد أين التقيت فيها بالمواطنين وتحدثت معهم عن الموضوع. ولا يفوتني أن أشير إلى أن هذا القرار المتعلق بتحديد سقف سحب الأموال، والذي يبقى مؤقتا كما قلت، فيما يفترض أن ينتهي يوم 25 نوفمبر الجاري أي بيومين قبل التاريخ المحدد سابقا بعد أن حققت العملية الهدف المرجو منها وهو تجاوز أزمة السيولة، يدخل في إطار التسيير المسبق والعصري الذي يرتكز على سياسة استباقية تضمن تسيير الخطر حتى لا تتوقف الشبكة عن العمل ونضمن ديمومة السيولة وبعدها سنعود إلى الطور العادي. *كيف ستعالجون مشكل السيولة على المدى البعيد؟ ** كان هناك نقص في السيولة وهذا راجع إلى ارتفاع حجم الطلبات بالنظر إلى الزيادة التي عرفتها الأجور والد فع بالأثر الرجعي وغيرها من المؤشرات، ومن المعقول أن يكون هذا الطلب الجديد مرفوقا بتوفير الكمية اللازمة من الأموال، ولا يجب أن ننسى أن هناك سلوكات تزيد من الطين بلة، حيث أن عدد كبير من المواطنين يتعالمون بالنقد ولا يمرون في تعاملاتهم على المؤسسات المالية فالسيول ة تخرج بكمية كبيرة ولا تعود إلا بنسبة قليلة. خلال السنة الماضية تم معالجة المشكلة عن طريق مخطط يقوم على اعتماد نظرة شاملة وكان التحكم نسبي في المشكلة والآن وبعد أن تمت دراسة الملف وضعنا آليات ترتكز في الأساس على نظام جمع المعلومات في القوت المناسب وترقب الطلب ومكانه لتمويل كل مراكز البريد حسب حاجتها ووفق توازن معين وبالتالي فإننا نتدخل لضبط أي اختلال قد يحدث، وما يمكنني قوله الآن هو أننا نتحكم في الوضع ضمن رؤية واضحة حول تسيير السيولة عبر كامل الشبكة. *أين هي الأوراق المالية من صنف 2000 دينار جزائري؟ وماذا عن الأوراق النقدية البالية؟ ** المواطن لا تهمه الأوراق المالية من صنف 2000 دج أو غيرها فالمهم عنده هو الحصول على المبلغ الذي يريد سحبه بغض النظر عن صنف النقد. أما فيما يخص الأوراق المالية البالية التي لم تعد صالحة، فإننا نضعها جانبا ونرسلها إلى بنك الجزائر الذي يقوم بالتخلص منها واستبدالها بأوراق جديدة. *وماذا عن مشروع تحديث آلات سحب الأموال عبر مراكز البريد؟ ** يملك بريد الجزائر حاليا 700 آلة لسحب الأموال عبر مراكزه في كل ولايات الوطن وسيتم إضافة 500 آلة جديدة بداية من سنة 2012، حيث سيتم تحويل هذه الآلات إلى أدوات للدفع وتخليصي مختلف المستحقات مثل فاتورة الكهرباء والغاز وذلك خلال نفس السنة، كما سيتم وضع بطاقات مغناطيسية في شكل محفظة جيب الكترونية، وتحمل هذه المحفظة قيمة مالية يمكن لصاحبها الاستفادة منها واقتناء حاجياته وفق المبلغ المالي المحدد بداخلها، كما يمكن تعبئة رصيد الزبون وملء هذه البطاقة. وسيتم تنصيب 1000 نهائي إلكتروني حتى نهاية العام الجاري وبداية الثلاثي الأول من سنة 2012 بهدف ضمان عملية التخليص أو الدفع عبر شبابيك مراكز البريد بعد أن أثبتت التجربة نجاح المشروع النموذجي، وسيتم تنصيب 1000 نهائي الكتروني آخر لدى متعاملي الهاتف النقال، التجار، اتصالات الجزائر، الجزائرية للمياه وغيرها من المؤسسات خلال السنة المقبلة. وبذلك سنصل مع نهاية سنة 2012 إلى تنصيب 2000 نهائي الكتروني مع المتعاملين وعلى مستوى مراكز بريد الجزائر. وتضاف إلى ذلك مشاريع أخرى مرتبطة بمكافحة تبييض الأموال، تحسين التعامل مع الزبائن، خاصة وأن بريد الجزائر يقوم بعمليات يومية تتراوح ما بين 800 ألف إلى مليون عملية وهناك أكثر من 13 مليون حساب بريدي جاري. ولا يجب أن ننسى أننا نتعامل مع البنوك في إطار النظام المتبادل الذي يضمن تعويض الصكوك بما يسمح لأصحاب البطاقات المغناطيسية سحب الأموال من بريد الجزائر أو من البنوك على حد سواء دون أي إشكال. *وكيف يجري التكفل بالعنصر البشري على مستوى بريد الجزائر؟ ** إن أبواب الحوار مفتوحة والتشاور يكون مع جميع الفاعلين، حيث أننا نعتبر بأن المطالب والمشاريع الشخصية للعمال يجب أن تتماشى مع مشاريع المؤسسة الأم، وبالتالي فمن المهم تحسين ظروف العمل والاهتمام بأجور العمال وضمان تكوين متواصل لهم من اصغر موظف إلى أسمى إطار في بريد الجزائر، ناهيك عن سياسية التكوين التي توجه لبعض العمال بهدف تمكينهم من اكتساب مؤهلات وقدرات مهنية في ميادين معينة. وفي هذا السياق هناك برنامج تكويني خاص بسنة 2012 ومن هذا المنطلق فإننا نجعل من الموظف فاعل ويتم إشراك جميع العمال في البرامج التي يتم تسطيرها بهدف إنجازها وإنجاحها. *إلى أين وصل مشروع البريد المتنقل؟ ** إن الهدف من البريد المتنقل هو أن نكون متواجدين في كل مكان وقد انتهجنا هذه الإستراتيجية للذهاب نحو الزبون. وبالفعل بدأنا بعمليات تجريبية من خلال الشاحنات المتنقلة، حيث انطلقنا نحو الثكنات، الأحياء الجامعية، إضافة على المناطق النائية بغرض فك العزلة عنها، كما أننا نحضّر لتغطية التجمعات المهنية الكبرى وسيتم اقتناء 100 شاحنة مجهزة لهذا الغرض توزّع على الولايات حسب حاجة كل منطقة. *هناك من يشكو بيروقراطية التعامل على مستوى الطوابير وتأخر إصدار دفاتر الصكوك البريدية؟ ** إن مشكل إصدار أو تأخر إصدار دفاتر الصكوك البريدية بات من الماضي وليس له أي أصل في الحاضر، بل بالعكس فإننا نعاني من تراكم للدفاتر التي يتم إصدارها بطلب من أصحابها الذين لا يأتون لاستلامها، علما أنها تسلّم في يد المعني بالأمر، وبالتالي فنحن نخسر أموالا جراء إصدار دفاتر لا يستفيد منها أصحابها، ولا يفوتني أن أذكركم في هذا المقام بأننا وضعنا خدمة عبر الانترنت يتمكن من خلالها الزبون من الحصول على صك يقوم بطبعه وملئه لسحب الأموال على مستوى المركز البريدي والصك له كل المصداقية على غرار باقي الصكوك. *تعرضت بعض مراكز البريد لعمليات سطو، ماذا عن تامين هذه المراكز؟ ** إننا نسعى إلى تامين مراكز البريد في إطار إستراتجية تحسين التحكم في الأمور وتطوير الرقابة وقد تمت العملية خلال العام الجاري وبالفعل تم ستجيل انخفاض كبير ومحسوس في الثغرات المالية، وسيشرع 66 عون على مستوى مصلحة التفتيشي في مزاولة مهامهم لتدعيم الفرق الموجودة وهم مؤهلون لتأدية هذه المهمة وحماية المال العام، أما على مستوى المراكز فإنها مؤمنة من طرف السلطات الأمنية، كما سنقوم بتنصيب كاميرات خفية للمراقبة عن بعد وسيتم تجهيز حوالي 500 مكتب في مرحلة أولى بهذه الكاميرات.