لم يكن مفاجئا أن خبر مشاركة "فتاة سعودية" في بطولة فيلم أمريكي هو الخبر الأكثر إثارة وانتشارا في كثير من المواقع عبر الأنترنات، فقد تداولت وكالة الأنباء والصحف الالكترونية والفضائيات نبأ عرض فيلم "تاول هيد" هذه الأيام بالولايات المتحدةالأمريكية ويخصّ فتاة عربية مراهقة تدعي "جسيرة" وتؤدي الدور سمر بشيل وتضطر للعيش مع والدها اللبناني المتزمت الذي يعيش في بلدة صغيرة في تكساس خلال حرب الخليج الأولى. تصارع جسيرة (13 عاما) الأسلوب المتزمت لوالدها والسلوك العنصري لزملائها في المدرسة، وتدرك لأول مرة في حياتها الحقيقة المؤلمة كونها فتاة عربية تعيش في مجتمع أمريكي مما يدفعها إلى الهوس الجنسي بأحد الجيران وهو متزوج وأب لأطفال. ليس هنا بيت القصيد فالإثارة حاصلة في الطرفين وأعني الناس في الشرق أو الغرب، ولكن المثير للأسئلة حقا هو هذه الصورة النمطية الجاهزة التي يقدمها الغرب لجمهوره من خلال السينما، فالرجل العربي في السينما الغربية عموما هو ذاك الغبي بلباسه المميز والذي يتوافد دائما على الملاهي الليلية حيث النساء والقمار، أو هو الأحمق الذي يخسر في أي معركة يخوضها ضد أعدائه. وأما المرأة فهي حتما تلك الجارية أو "الحريم" بالتعبير الاستشراقي والتي لا تتمتع بحريتها الجنسية واستقلاليتها، ولذلك فإن هذا الفيلم لا يختلف في شيء عن سابقيه ويكرّس الصورة النمطية ذاتها التي يبصر بها الغربُ الشرق، فأتى الفيلم بمشاهد جريئة بطلتها فنانة صاعدة في بلاد العم سام من أب سعودي وأم أمريكية. ذا هو أقصى ما يعرف الغرب عنا..مجتمع مغلق وكبت جنسي ونساء مضطهدات ورجل هو زير نساء بامتياز ودين يحض على التزوج بأكثر من واحدة و "يخزن العربي النفط في خصيتيه وربّك الوهّاب"..! إن الهوس الجنسي الذي يصوره الفيلم لدى هذه المراهقة هو في الأصل الهوس الغربي بنا كعرب وكمسلمين ليس في جانبه الإيجابي بل في جانبه السلبي الذي تغذّيه دوائر الإستراتيجية ومؤسسات الإعلام والسينما. ربما روّج أصحاب الفيلم بهذه الطريقة أفضل من أي داعية وإشهار من خلال التركيز على البطلة وأنها فتاة سعودية تشي مشاركتها في مشاهد خليعة ببعض ما يرجو هؤلاء المرضى الاطلاع عليه في المجتمع السعودي..! هذه هي صورتنا عندهم مجرّد إرهابيين أو أغبياء أومهوسين جنسيا.. أما بعد: "شارع يتململ تحت حذائي وقطارات لا ينتظرني على رصيفها أحد ودموع تسلخ قلبي كلما مرّ كفي على وجهي ولمست القبلات أيتها الحقائب التي تخطف الفرحة من قلب الغرباء كم أكرهك". أمل جمال [email protected]