نفى النائب موسى عبدي ما نُسب إليه من تصريحات بشأن الأطراف التي تقف وراء عرقلة وإجهاض مقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار، مؤكدا أن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني »كان أكثر من دعموا ووقفوا بقوة إلى جانب هذه الفكرة«. وذهب أبعد من ذلك لدى تصريحه أن »هذا المقترح كان في الواقع مشروع وفكرة عبد العزيز بلخادم وهو لا يزال داعما له..«. استنكر النائب بالمجلس الشعبي الوطني عن الأفلان، موسى عبدي، ما أسماه »التحريف« الذي تعرّضت له تصريحاته في الأوساط الإعلامية، وفنّد أن يكون قد تهجّم على حزب جبهة التحرير الوطني، الذي ينتمي إليه، وقيادته ممثلة في شخص الأمين العام عبد العزيز بلخادم، مشيرا إلى أن كل ما في الأمر هو نقل كلام »لا أتجرّأ على قوله وليس أصلا من قناعاتي«. وأوضح النائب عبدي الذي كان من أبرز النواب الذي ساهموا في صياغة مقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار على مكتب الغرفة الأولى للبرلمان، في لقاء مع »صوت الأحرار« ردّا على تصريحات منسوبة إليه بأن بلخادم كان معارضا للمشروع بالقول: »هذا الرجل أحترمه وأقدّره كثيرا وأعتزّ بمواقفه«، ليُضيف بأن الأمين العام للأفلان »كان في الأصل صاحب فكرة ومقترح مشروع تجريم الاستعمار« وأن »تجريم الاستعمار فكرة وليدة حزبنا ومؤسساته الشرعية«. وبعد أن أكد محدّثنا أن »عبد العزيز بلخادم لا يزال واقفا وداعما للمشروع بدليل أنه لا يُفوّت أية مناسبة وإلا ويطالب فيها فرنسا بتقديم الاعتراف للجزائريين والاعتذار عن الجرائم التي اقترفتها في حقهم«، تابع كلامه بأكثر تفصيل: »إن مشروع قانون تجريم الاستعمار لم يأت اعتباطا أو محض الصدفة، وإنما كان نتاج مواقف الأمين العام للأفلان في كثير من المناسبات التاريخية والمنابر الرسمية الشاهدة على تصريحاته الشجاعة..«. وحسب القناعة التي أبداها موسى عبدي فإن نواب جبهة التحرير الوطني في البرلمان »حملوا مواقف وانشغالات الأمين العام للحزب«، وهي المواقف التي قال إنها »تواءمت مع توجهات الأسرة الثورية باختلاف تنظيماتها«، وقد خصّ بالذكر مواقف الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، السعيد عبادو، »وهذا لسنّ القانون والبدء في جمع التوقيعات وتوسيع دائرتها إلى نواب وتشكيلات سياسية أخرى داخل البرلمان والتي بلغت ثلث أعضائه« على حدّ تعبير المتحدّث. إلى ذلك أضاف أنه ليس هناك أكثر ما يؤكد على صحة موقفه وثباته سوى ما خرجت به الدورة الأخيرة للمجلس الوطني لحزب جبهة التحرير الوطني المنعقدة بزرالدة حينما »تبنت بالإجماع توصيات اللائحة السياسية التي زكّت المبادرة الرامية إلى تجريم الاستعمار ومطالبة فرنسا بالاعتذار«، وأردف في الشأن: »نحن كنواب مرتاحون لأننا أدينا ما علينا من واجب تجاه الشهداء والمجاهدين ودافعنا عن مطلب صون ذاكرة الأمة وحفظها لدى الأجيال المتعاقبة«، قبل أن يُسجّل موقفا آخر مفاده أنه »على كل واحد أن يتحمّل مسؤولياته التاريخية تجاه هذا الوطن..«. وفي سياق حديثه عن إسقاط المشروع استطرد النائب الأفلاني الذي هو أيضا أستاذ التاريخ في جامعة الشلف، قائلا: »ففي الوقت الذي كان مقترح تجريم الاستعمار الفرنسي، الذي بادرت به أغلبية أفلانية، يرمي إلى الحفاظ على ذاكرة الأمة والذود عن مقوّماتها وتطعيم أبنائنا بالثقافة التاريخية كصمام أمان، فسّرها البعض على أساس أنها مزايدة سياسية« في إشارة واضحة منه إلى تصريحات سابقة وردت على لسان أحمد أويحيى الأمين العام الحالي ل »الأرندي«. ورغم أن مشروع القانون المذكور لم يُكتب له أن يستمرّ حتى يكون ملزما، فإن النائب موسى عبدي قال ل »صوت الأحرار«: »سنظل متمسكين بهذا المطلب التاريخي الذي أصبح قناعة راسخة لدى جميع الجزائريين لأجل إدانة فرنسا على جرائمها ضد الإنسانية«، نافيا في الوقت نفسه أن يكون رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، قد مارس أي ضغط على أصحاب مقترح المشروع. ومن هذا المنطلق لم يُفوّت محدّثنا الفرصة من أجل التذكير بأنّ أيّ مشروع أو مقترح قانون لا بدّ أن يمرّ عبر مراحل قانونية ومؤسساتية قصد تبنيه، وفي حالة مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي كان الأمر يتطلب موافقة مكتبي غرفتي البرلمان والحكومة معا. وبعد استكمال هذه الإجراءات لم يتوان عبدي في اعتبار مبرّرات الوزارة الأولى لرفض المقترح بأنها »غير مقنعة في مضمونها وواهية«، ليخلص إلى أن هذا الموقف »هو ما كان يتوقعه الفرنسي كوشنير قبل صدوره..«.