دعا وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبي، الجزائر إلى »تنظيم احتفالات الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر في جو يطبعه الاعتدال، وتفادي كل أشكال التطرف«، وكشف رئيس الدبلوماسية الفرنسية أنه اتفق مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة حول هذا الموضوع خلال زيارته للجزائر جوان الماضي. كما استبعد أي خطوة في اتجاه تعبير صريح من فرنسا عن اعترافها بجرائم الفترة الاستعمارية. كشف وزير الخارجية الفرنسي في عرض قدمه أول أمس أمام لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية، أنه »تلقى ضمانات من طرف الرئيس بوتفليقة بالاعتدال في احتفالات تخليد الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر المصادفة لتاريخ 5 جويلية المقبل«، وقال جوبي أنه اتفق مع رئيس الجمهورية خلال المحادثات التي أجرياها في زيارته الأخيرة للجزائر، على »تجنب كل أشكال التطرف لدى الطرفان الجزائري والفرنسي« في إحياء هذه الذكرى الوطنية الهامة بالنسبة للجزائريين. وجاء الإعلان عن هذه الموافقة التي نجحت باريس في افتكاكها من القاضي الأول للبلاد في وقت سبق للإليزيه أن أبدى هذه الرغبة للجزائر خلال محادثات جمعت الوزير الأول أحمد أويحيى مع آلان جوبي السنة الماضية، أعرب فيها رئيس الدبلوماسية الفرنسية عن إرادة بلاده في »تفادي متطرفي الجانبين إحياء الجراح القديمة بدون جدوى«. وترك جوبي بمناسبة الاستماع له من طرف لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الفرنسي حول عدد من المواضيع ذات علاقة بالسياسة الخارجية الفرنسية أبرزها ملف العلاقات مع الجزائر، انطباعا واضحا بأن فرنسا لن تقدم على أي خطوة رسمية في اتجاه الاعتذار أو الاعتراف الصريح بجرائمها خلال الفترة الاستعمارية، وهو الأمر الذي يفهم بوضوح، حين عبّر عن رغبة باريس في »أن نستمر مع الجزائر على نفس هذا الخط من الاعتدال وتفادي التطرف«، ولعل ما يعزز هذا التوجه قول رئيس الدبلوماسية الفرنسية »إنه اتفق مع الرئيس بوتفليقة على أن نتوجه إلى المستقبل وليس إلى الماضي ونحاول بناء العلاقات بين الجزائروفرنسا على المستقبل وليس على الماضي«. وينسجم الموقف الجديد المعلن من طرف جوبي مع تصريحات كل المسؤولين الفرنسيين الذين زاروا الجزائر، وهو ما يعكس مدى رفض فرنسا لتحمل ماضيها الاستعماري، والملفت للانتباه كذلك أن هذا الموقف الفرنسي تزامن مع التصريحات»النارية« التي أطلقها الوزير الأول أحمد أويحيى مطلع هذا الأسبوع في ندوة صحفية نشطها بمناسبة اختتام المجلس الوطني لحزبه، حيث حذر تركيا من مغبة المتاجرة بدماء الجزائريين وانقلب على أردوغان، وذكّره أن تركيا هي التي سلمت الجزائر لقمة سائغة إلى فرنسا، وقال إن تركيا ساهمت في تقتيل الجزائريين عندما كانت عضوا في الحلف الأطلسي، وأكثر من ذلك حين عارضت استقلال الجزائر في الأممالمتحدة. ويفتح الموقف الذي عبر عن أويحيى الباب إلى التساؤل عن مدى تمسك الجزائر رسميا بمطلب الاعتذار بالنظر إلى التناقض بين إلى الانسجام الشديد في الموقف الفرنسي المعهود وما يقابله من تململ واختلافات في تصريحات وموقف المسؤولين الجزائريين.