أثبتت جبهة التحرير الوطني في كل المناسبات الانتخابية أنها حزب متجذّر شعبيا، وحتى مرحلة الفراغ التي مرّت بها، في فترة من الفترات التي أعقبت الانفتاح السياسي بالجزائر، شفعت لها بالعودة بقوة بعد أن تأكد للجزائريين أن خيار الاستقرار يكمن في الاستمرارية، وبهذا المعطى فإن الأفلان يبقى المرشح فوق العادة للبقاء قوة سياسية. تُدرك قيادة جبهة التحرير الوطني وقواعدها أن الحفاظ على أغلبية الحزب في البرلمان خلال التشريعيات المقبلة يتوقف على الكثير من العوامل ذات الصلة بحسن اختيار المرشحين وحتى حسن التعامل مع التطوّرات الحاصلة في الساحة السياسية، كما لا يبقى الرهان على إطلاق الشعارات الفضفاضة من دون التحضير الجدّي وتقديم برامج من شأنها توسيع القاعدة الشعبية والوعاء الانتخابي. وحتى الأمين العام عبد العزيز بلخادم اعترف، في أكثر من مناسبة، بأن مأمورية البقاء قوة سياسية أولى في البلاد مرتبطة بالعديد من المعطيات التي حثّ المناضلين و»الكوادر«، محليا ووطنيا، على ضرورة إدراكها من أجل دخول موعد شهر ماي المقبل بإستراتيجية موحّدة، فالحزب المحسوب على التيار الوطني مقبل على مرحلة حاسمة في مساره على حدّ وصف بلخادم في الدورة الأخيرة للجنة المركزية. ولذلك فإن الوعي الحاصل في بيت الأفلان مردّه أن الحفاظ على الأغلبية التي كسبها منذ تشريعيات 2002 ليس مثل الحصول عليها من منطلق أن النجاح »يؤخذ ولا يُعطى«. وعلى هذا الأساس يُفهم الحراك الحاصل قاعديا وعلى أعلى مستوى من أجل ضمان تجنيد كل الطاقات التي يحوزها بهدف التحسيس بأهمية الاستحقاقات القادمة وضرورة توعية الناخبين باختيار الأنسب والأمثل. وأكثر العوامل التي تضع حزب جبهة التحرير الوطني في صدارة الترشيحات، على الأقل للحفاظ على مكسب 160 مقعد في المجلس الشعبي الوطني، أن يجمع كل أطياف المجتمع رغم أنه محسوب على التيار الوطني ولكن ذلك لا يمنع من كونه يستقطب الناخبين المحسوبين على التيار الديمقراطي بحكم الممارسة، وحتى الجهات التي تريد نزع صفة الدفاع عن الثوابت الإسلامية تنسى أو تتناسى بأن أوّل ميثاق تأسّس عليه الأفلان تتحدّد فيه أولوية »إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية«. فالرصيد والتجربة الذين اكتسبهما الأفلان منذ استرجاع السيادة الوطنية، وتحديدا خلال أصعب المراحل التي مرّت بها البلاد في أعقاب الانفتاح السياسي، يجعلان منه مرشحا فوق العادة للحفاظ على مكانته الريادية خلال تشريعيات 2012 رغم أن معطيات هذا الموعد تختلف اختلافا كبيرا عن سابقيه، ولا يبدو من خلال التصريحات التي أدلى بها بلخادم أن قيادة »الحزب العتيد« تجهل هذا المتغيّر. بقي الآن مواصلة العمل الجدّي الذي يرتكز على منح الفرصة للأكثر كفاءة والأجدر بأن يحمل مسؤوليات تمثيل مشاغل وهموم المواطنين، وهذا من بين أهم العوامل التي ستجعل من جبهة التحرير الوطني حزب الأغلبية ومن ثمّ إسكات كل الأصوات التي تتعالى من هنا وهناك في محاولة لفرض الوصاية على الشعب قبل أن يتوجّه لتقرير مصيره فيمن يمثّله داخل الهيئة التشريعية، وقد أثبتت التجربة بما لا يدع مجالا للشكّ أن هذا الشعب يُحسن دوما الاختيار.