اتهمت مصادر في الحكومة المالية الاستخبارات الفرنسية بدعم المتمردين التوارق في شمال البلاد، واعترفت باماكو من جهة ثانية بسقوط عدد من المدن بيد متمردي الحركة الوطنية لتحرير الأزواد الترقية المتمردة، من بينها تنزاوتين المحاذية للحدود مع الجزائر، وفي وقت دعت فيه الأممالمتحدة المتمردين التوارق للدخول في مفاوضات مع باماكو ووقف الاقتتال، أعلن قيادي في الأزواد أن حركته لن تقبل الجلوس على طاولة المفاوضات مع الحكومة المالية إلا حول نقطة واحدة وهو »تقرير مصير الشعب الأزوادي«. أعلنت »الحركة الوطنية لتحرير أزواد« عما أسمته »تحرير« مناطق شاسعة وعدد من المدن في شمال مالي ووصلت سيطرتها إلى الحدود مع موريتانيا والجزائر، هذا فيما يواصل الجيش المالي عملياته ضد المتمردين التوارق، حيث أفادت مصادر عسكرية وشهود بأن مروحيات الجيش شنت غارات على المنطقة بين كيدال وأبييبارا بهدف منع المتمردين من الزحف على كيدال، كبرى مدن المنطقة، وبالتوازي مع اعترافها بسقوط تنزاوتين بيد حركة تحرير أزواد، قالت الحكومة المالية في بيان لها أن جنودها انسحبوا من تنزاويتن ونفذوا »انسحابا تكتيكيا« من قاعدتها العسكرية قرب الحدود الجزائرية، مشيرة إلى أن جنديا قتل وأن آخرين أصيبا بجراح، وهو ما يزيد من الغموض الحاصل على لجبهات القتال. وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن 30 ألف شخص على الأقل نزحوا من مالي ويقيمون »في ظروف بائسة«، وأكدت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أن عددا كبيرا من النازحين توجهوا إلى موريتانيا وإلى بوركينا، في حين تستعد الجزائر التي لم تستقبل حتى الآن سوى عدد محدود، لمواجهة نزوح »كثيف« من اللاجئين التوارق الفارين من لهيب الحرب في شمال البلاد، حسب الهلال الأحمر الجزائري، فيما أعرب الأمين العام لأمم المتحدة بان كي مون عن »القلق من الانعكاسات الإنسانية للمعارك« ودعا مجموعات المتمردين إلى الكف فورا عن هجماتهم وفتح حوار مع حكومة مالي لتسوية الخلافات. وصرح محمود أغ غالي، رئيس المكتب السياسي للحركة الوطنية لتحرير أزواد، في اتصال مع الموقع الاليكتروني للفضائية القطرية »الجزيرة« مؤكدا بأن مقاتلي حركته تمكنوا مما أسماه »تحرير« مدينة أشبرش في منطقة تنزاويتن المشتركة بين الجزائر ومنطقة أزواد بمالي، مضيفا أن الاستيلاء على المدينة جاء بعد ثلاثة أيام من حصارها واشتباكات متقطعة مع الجنود الماليين المرابطين على أبوابها. وواصل المسؤول الأزوادي يقول »لن تجلس الحركة الوطنية لتحرير أزواد مع الحكومة المالية إلا في مفاوضات جادة وحول نقطة واحدة هي البحث في حق تقرير المصير للشعب الأزوادي« نافيا من جهة أخرى مشاركة حركته في المفاوضات التي جرت بالجزائر بين متمردين توارق وحكومة باماكو، قائلا إن ما جرى هو أن الجزائر اتصلت بشخصيات من الإقليم للتشاور معها بشأن سبل حل الأزمة الحالية، وليس لإطلاق مفاوضات مع الحكومة المالية، وشدد على أنه بعد الذي جرى من معارك، وبعد الذي سال من دماء لن تجلس الحركة الوطنية لتحرير أزواد مع الحكومة المالية إلا في مفاوضات جادة وحول نقطة واحدة هي البحث في »حق تقرير المصير للشعب الأزوادي الذي عانى خلال العقود الماضية وجرب كل أنواع الاتفاقات الفاشلة مع الحكومة المالية«. وقال محمود أغ غالي أن ما أسماه بالضغوط الإقليمية والدولية التي تتعرض لها حركته من أجل وقف القتال والدخول في حوار مع الحكومة المالية، »لن تثنيها عن موقفها الثابت المتأسس على شرطين للدخول في أي مفاوضات مع الحكومة، وهما أن يكون الحوار جادا وأن يكون حول حق تقرير المصير«. وفيما دعت فرنسا، التي بحث وزيرها للتعاون هنري رينكور أول أمس الخميس مع السلطات في باماكو الوضع في شمال مالي، إلى »وقف فوري لإطلاق النار«، اتهمت مصادر مقربة من الحكومة المالية المخابرات الفرنسية بالوقوف وراء تمرد حركة تحرير أزواد في شمال البلاد، وتحدثت عن منح فرنسا »حصانة« لقيادات حركة الأزواد، و»توفير باريس كافة الظروف أمام قيادات الحركة للتخطيط بدءا من التراب الفرنسي«، وهي المرة الأولى التي يتم فيها الإشارة رسميا إلى التورط الفرنسي في تمرد التوارق في شمال مالي أو حتى النيجر.