سقطت مدن عدة في شمال مالي بأيد مقتلي الأزواد بعد قتال شرس مع القوات النظامية بدأ منذ فجر أول أمس، ويأتي هذا التوتر بعد هدوء دام عدة أشهر، مما يؤشر لعودة المنطقة إلى مستنقع المواجهات العسكرية مع المتمردين التروارق في شمال مالي، كنتيجة للتغيرات التي شهدتها المنطقة خاصة في ليبيا، وحصول المقاتلين التوارق على أسلحة ثقيلة جرى تهريبها من قبل تجار السلاح ومن يسمون بالثوار الليبيين، فضلا عن مجموعات من المقاتلين التوارق التي شاركت في الحرب في ليبيا. أعلنت مصادر إعلامية تابعة لما يسمى ب »الحركة الوطنية لتحرير أزواد« عن سقوط مدينة »آجلهوك« بأيدي الحركة فجر أمس بعد مواجهات عنيفة مع الجيش المالى، وقالت المصادر في حديث خاص مع وكالة الأخبار الموريتانية المستقلة »إن الأوضاع هادئة نسبيا، وإن الثوار التابعين للحركة تمركزوا في مختلف أرجاء المدينة، بينما فر جنود الجيش المالي إلي مناطق أخري«، وأكد رئيس المكتب السياسي »للحركة الوطنية لتحرير أزواد« محمود أغ عالي أن مقاتلي حركته نجحوا في الاستيلاء على مدينة تيسي التي تقع على بعد 140 كلم من مدينة غاوا، وكشف في نفس السياق أنهم قد أسقطت طائرة للجيش المالي، وأسروا عددا الجنود في حين فر الآخرون. وأوضح مسؤول الأزواد عن قيام حركته أمس بمهاجمة »منكا« عاصمة الإقليم و»حررتها« بالكامل على حد قوله، كما استولت على مدينة تيسي في وقت لاحق،مضيفا أن العملية مستمرة حتى تحرير كافة أراضي الأزواد، مع هذا أكد المسؤول الترقي استعداد حركته للحوار، قائلا: »الحكومة المالية هي التي فرضت عليهم الدخول في المواجهات من خلال تجاهلها للنداءات المتكررة، والتي أطلقتها الحركة الوطنية لتحرير أزواد منذ أكثر عام«، وأوضح من جهة ثانية أن حركته »ستظل على استعداد للحوار، وتعتقد أن الحل السياسي هو الأمثل، مرحبا بأي مبادرة دولية هادفة لحل القضية وإيقاف العنف«، مع العلم أن مدينة منكا هي الثالثة في منطقة أزواد، رابعة أقاليم المنطقة التي هي: تمبكتو،غاوا، كيدال. وحمل أغ عالي مسؤولية عودة المواجهات إلى حكومة باماكو التي قامت حسب قوله بالعديد من العمليات الاستفزازية خلال الفترة الماضية، »حيث قامت بتفتيش البيوت والمسافرين، وأصمت آذانها عن الدعوات المطالبة بحقوق الأزواديين«، وأصدرت »الحركة الوطنية لتحرير أزواد« بيانا تناقلته وكالة الأخبار الموريتانية حملت من خلاله الحكومة المالية »تبعات الإجراء«، وجددت الحركة إرادتها لمواصلة ما أسمته بالدفاع »عن الشعب الأزوادي المظلوم«، فضلا عن: »التزامها التام بمبادئ الشريعة السمحة، والقانون الدولي الإنساني، وكل المواثيق والمعاهدات الدولية«، مرحبة »بكل من يرغب في زيارة المناطق التي تسيطر عليها من الجهات الحكومية وغيرها«. وتتهم حركة الأزواد الحكومة المالية بعدم الجنوح إلى السلم حيث كشفت الحركة بأن حكومة باماكو »سارعت في بناء المعسكرات والثكنات العسكرية في إقليم أزواد«، كما »بدأت منذ أسابيع بإرسال أرتال مدججة تحمل الطائرات والدبابات والأسلحة الثقيلة، مما أثار الذعر الشديد لدى الشعب الأزوادي«. ويرى المتتبعون أن عودة التوتر إلى شمال مالي ساهمت فيه عوامل كثيرة، من بينها تأخر باماكو في تنفيذ كل تعهداتها فيما يتعلق ببسط السلم في المنطقة وتنشيط عملية التنمية وفك العزلة، وعودة العديد من المقاتلين التوارق الذين شاركوا في الحرب في ليبيا، واستفادة المتمردين التوارق من أسلحة كثيرة منها أسلحة ثقيلة ومتطورة جلبوها بأنفسهم أو تحصلوا عليها عبر تجار السلاح الذين نشطوا كثيرا في المنطقة على خلفية ما حصل في ليبيا، ناهيك عن تورط بعض الاستخبارات الغربية، خاصة الفرنسية في تسليح وتدريب مليشيات مالية، قيل أن الهدف منها هو محاربة القاعدة بالمنطقة، إلا أن الهدف الأساسي هو تحريك التمرد بالشكل الذي يهدد كامل المنطقة وليس مالي والنيجر فحسب.