قال الدكتور المؤرخ محمد القورصو الرئيس السابق لجمعية 8 ماي 1945، إن الوقت مناسب لأن تقدم الجزائر على تفعيل كل آلياتها وخياراتها من أجل الضغط مجددا على باريس وإرغامها على الاعتراف بجرائمها ومن ثم تعويض الجزائر على الجرائم التي اقترفتها طيلة 132 عام، معتبرا ما حققته ليبيا مع إيطاليا بمثابة "انتصار للشعوب المتحررة ضد الظاهرة الاستعمارية". ع.طاهير يعتقد الدكتور محمد القورصو أن ما حققته ليبيا التي افتكت موافقة إيطاليا على تقديم التعويضات عن الفترة الاستعمارية التي قضتها بين 1911 و1943 إلى جانب الاتفاق على إبرام معاهدة للصداقة قريبا بين البلدين، يمكن أن يكون مؤشرا محفزا للجزائر للوصول إلى هذا الهدف، لكنه ربط ذلك بضرورة استغلال كل الفرص المتاحة أمامها بداية من الورقة الاقتصادية. وإذا كان الرئيس السابق لجمعية 8 ماي 1945 وأحد مفجري فضيحة قانون 23 فيفري 2005، يعتبر بأن المكسب الذي حققته ليبيا نهاية الأسبوع المنقضي "انتصار بالنسبة للشعوب المتحررة بشكل عام ضد الظاهرة الاستعمارية"، فإنه في المقابل يؤكد بأن هذا ينبغي أن يحفز الجزائر من أجل تفعيل آلياتها المختلفة سواء كانت الجمعوية أو السياسية لمطالبة فرنسا بما رفضت به لحد الساعة. ولم يتوان الدكتور القورصو في تصريحه ل "صوت الأحرار" في وصف الاستعمار ب "نظام الأبارتايد" كون الظاهرتين، على حد تعبيره، جريمة ضد الإنسانية يعاقب عليها القانون، قبل أن يضيف بالقول "ومن هنا نحن مطالبون بمتابعة فرنسا لا سيما أنه في يدنا بطاقة قوية وهي مكانة الجزائر من الناحية الإستراتيجية إلى جانب كونها قطبا استثماريا كبيرا في شمال إفريقيا..". ولم يحصر القورصو ما أسماه "الأوراق الرابحة" للجزائر في هذين الجانبين، بل إنه تابع موضحا أنه يمكن أيضا للجزائر أن تتحرك للضغط على فرنسا من خلال الاتحاد من أجل المتوسط الذي عرف الميلاد قبل أسبوعين بباريس، ويرى في ذلك مؤشرا يمكن أن يحمل فرنسا الرسمية على البحث في صيغ مختلفة لتعويض الجزائر عن الأضرار الناجمة عن الحقبة الاستعمارية، وهي الحقبة التي قال عنها محدثنا بأنها "تعكس تاريخيا أبشع أصناف الاحتلال في العالم". ومن هذا المنطلق جاء على لسان المؤرخ القورصو أنه "لا ينبغي أبدا أن نتأخر في المطالبة بحقوقنا خاصة أمام غطرسة رئيس الجمهورية الفرنسية الحالي نيكولا ساركوزي لأن مطلب الجزائر حق تاريخي"، ليشير على هذا المستوى إلى محفز آخر وهو الذي يتعلق بوجود قوى جمعوية وسياسية فرنسية تبنت الآن واجب الاعتذار، ثم أكد محدثنا أن الأمر متوقف على قدرتنا على تفعيل مختلف الآليات لإجبار فرنسا على الاعتراف والاعتذار ثم التعويض. إلى ذلك ركز محمد القورصو كثيرا على الورقة الاقتصادية خصوصا عندما أشار إلى أن الاقتصاد الفرنسي الآن يمر بمرحلة صعبة ويبحث عن أسواق لينهض من كبوته، وبموجب ذلك يجزم بأنه "بقدرتنا استعمال هذه الورقة الإستراتيجية لتركيع فرنسا وحملها على الإقدام على ما لم تقدم عليه لحد الساعة..". وفي رده على سؤال حول إن كان الوقت مناسب في هذا الظرف لتجديد مطالبة فرنسا بضرورة تقديم لاعتذار والاعتراف بجرائمها، أوضح القورصو أن "الوقت يبقى دائما مناسبا مهما كان الأمر لا سيما وأن نحن الآن أمام مرحلة حاسمة وهو ذلك السباق غير المعلن عنه بين فرنساوألمانيا"، معتبرا أن زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأخيرة إلى الجزائر لم تكن من باب المجاملة وإنما في إطار المنافسة الاقتصادية والدبلوماسية مع فرنسا..". وخلص الدكتور محمد القورصو في تصريحه إلى القول بأنه لا بد من اغتنام فرصة ظهور ألمانيا كمنافس لفرنسا قصد تمرير رسالة الجزائر وفرض إرادتها لأن "للجزائر الحق في اختيار الطرف الذي تتعامل معه".